مقالات مختارة

أنور السادات | عبد المنعم سعيد

 

 

 

من وقت لآخر تعيد مجلة "التايم" الأمريكية نشر عدد قديم تخص به أشخاصا لهم تأثير تاريخى. خلال الفترة الأخيرة نشرت العدد الخاص بعام 1977 حينما كانت شخصية الغلاف الرئيس أنور السادات. المعرفة التاريخية برئيسنا العظيم لخصها هنرى كيسنجر عندما وضعه ضمن ستة فى كتابه "القادة" كانوا أعظم من غيّروا التاريخ فى القرن العشرين. ولكن نشر العدد أتى من زاوية أخرى وهى التذكرة بما قام به الرجل لكى يأخذ بالشرق الأوسط وصراعه العربى الإسرائيلى الدائم فى اتجاه يرمى إلى تغيير الواقع الذى بات يعيش حالة وجودية من الصراع. المدهش أن السادات بدأت عظمته عندما خاض حرب أكتوبر 1973 التى كانت مفاجأتها الإستراتيجية أعلى قدرة من المفاجأة إستراتيجية التى جرت قبل عام فى 7 أكتوبر. الأولى كانت وراءها إستراتيجية ليس فقط لتحقيق السلام بين مصر وإسرائيل، أو حتى بين العرب وإسرائيل، وإنما أن تكون بداية مسار آخر ومختلف للسياسة المصرية داخليا وخارجيا.

كانت المعركة فارقة فى أنها شكلت نقلة كيفية فى طبيعة الصراع من وجودى تكون فيه المعادلة صفرية لا يكسب طرف دون خسارة الآخر، ومعناها الرغبة فى إزالة الطرف الآخر من الوجود، وثانيا لأنه أراد أن يفتح أبواب مصر ونوافذها نحو الدول الغربية المتقدمة بعد أن تبين له أن الاتحاد السوفيتى قد بات فى طريقه إلى الإفلاس، وثالثا أن المسار الذى سارت مصر فيه خلال الخمسينيات والستينيات ظلم مصر بتحميلها ما لا طاقة لها به، لأن عناصر القوة بها لم تكن تتصاعد وإنما تتراجع وكل ذلك كشفته كارثة يونيو 1967. لم يكن هناك مفر من "الانفتاح" والبناء وكان ذلك هو الوقت الذى تغيرت فيه مسارات الدول الآسيوية ومن صاروا نمورا وفهودا فيما بعد مثل الصين وسنغافورة وكوريا الجنوبية. نشر الغلاف جاء كما لو كان تذكرة بأنه فى وقت ما كان العالم حالكا تماما ولكن السادات عرف كيف يطلق عليه ضوء الشمس.

عن بوابة الأهرام

 

 

 

 

كلمات مفتاحية::
Loading...