" نبوءة إشعياء" المريضة... وتفخيخ الإقليم!!!

 

 

 

مع نشر هذا المقال سيكون العدوان على قطاع غزة قد دخل  عامه الأول بالتمام والكمال وهو زمن طويل جداً وغير مسبوق في عمر الحروب بين العرب وإسرائيل، وبقدر ما تسبب "طوفان الأقصى" بضرر عسكري ومعنوي واقتصادي لدولة الاحتلال بنفس هذا القدر وفر لنتنياهو المناخ المناسب لإطالة أمد الحرب وهو ما يعني هروبه من الاستحقاقات بشأن قضايا الفساد المالي والإداري وبشأن الاخفاق الاستراتيجي في السابع من أكتوبر 2023، فنتنياهو "مبدع باستثمار اللحظة والظرف" بشكل ملفت فسرعان ما أخذ يدفع مجتمع دولة الاحتلال باتجاه الانتقام قتلاً وتدميراً لغزة والضفة الغربية واليوم  في لبنان، يقوم بذلك معتمداً على ما يلي:

أولاً: نجاحه ومنذ عام 2009 إلى يومنا هذا في ترسيخ بناء مجتمع إسرائيلي يميني متطرف ضعفت فيه أي قوة تصنف نفسها ديمقراطية أو علمانية أو يسارية وأصبح هذا الواقع رصيداً له ولليكود ولكل أطياف اليمين داخل دولة الاحتلال من يمين قومي أو يمين ديني.

ثانياً: نجاحه في احتواء الإدارتين الجمهورية والديمقراطية في الولايات المتحدة، الأولى بالتفاهم بحكم العقلية الاستعمارية المنفلتة للرئيس جورج بوش الابن والمتوافقة مع عقلية نتنياهو وكذلك الأمر مع ترامب، والثانية بحكم شعوره العالي بضعف الرئيس أوباما والحزب الديمقراطي والذي مارسه ومازال يمارسه مع الرئيس جو بايدن إلى اليوم والذي سيمارسه لو دخلت كامالا هاريس البيت الأبيض والحصيلة كانت أن ما يريده يتم دون حاجة لتوسل "سيد البيت الأبيض".

وبناء على ما سبق استثمر نتنياهو العام الانتخابي الأمريكي وبتعاطف واضح منه مع الحزب الجمهوري ودونالد ترامب، وبضغط وازدراء كبيرين للحزب الديمقراطي والرئيس بايدن وإدارته للحصول على هدفه الشخصي الأساسي ألا وهو استمرار رئاسته للحكومة الإسرائيلية حتى عام 2026، وهو الموعد الذي قد يُمكنه من تحقيق ما أسماه "النصر المطلق" الذي سوف يجعله "الملك داوود الجديد" ويكرسه كزعيم غير مسبوق في تاريخ دولة الاحتلال، والسؤال هنا ما هو تفكير نتنياهو؟، وما هو النصر المطلق الذي يتحدث عنه؟؟

يعمل نتنياهو على استثمار اللحظة  الراهنة  التي "صممها" وبدقة من أجل تحقيق "النصر المطلق" كما يريد، ويعمل  حالياً على توسيع نطاق المواجهة عسكرياً وأمنياً مع كل جغرافيا المقاومة في غزة والضفة مروراً بلبنان وسوريا والعراق وصولاً إلى اليمن وإيران، وهذا التحرك في عقليته ليس بالضرورة أن يحقق انتصارات على الأرض بل المهم لديه أن يزرع في عقل جمهور دولة الاحتلال أنه يواجه ويقاتل وعلى جبهات عدة وهو أمر بلا شك يحظى بدعم  غير محدود لجمهور يميني متعطش للدماء، وهو ببساطة يعد استثماراً ناجحاً من قبل  "ديكتاتور ومتوحش"  لدولة تعتقد أنها "دولة حرة وديمقراطية"، يستثمر فيها  هذا الرجل  وأقصد نتنياهو الجيش ومقدراته وكل إمكانياتها كما  ويستثمر ويُسخر معها  واشنطن "الثدي" الذي يُرضع هذا "الديكتاتور المتوحش"، حيث بلغت فاتورة المساعدات التي قُدمت لدولة الاحتلال منذ عام 1948 ما يعادل 158 مليار دولار وهو رقم ضخم  للغاية، أمّا وفي ظل هذه الحرب على غزة والمقاومة في لبنان بلغ الرقم قرابة 4 مليارات دولار حسب الأرقام المعلنة.

أمّا أهداف نتنياهو والمسماة "خارطة جديدة للشرق الأوسط" فهي تتمثل بما يلي:

•    إنهاء أي شكل من أشكال المقاومة في فلسطين ولبنان والعراق واليمن.

•    فرض التطبيع العلني والمجدي اقتصادياً بصورة خاصة على عموم الإقليم الشرق متوسطي وترسيخ هيمنة اقتصادية إسرائيلية.

•    معاقبة ومحاصرة أي دولة في الإقليم لا "تُطبّع" مع الاحتلال والتي سيجرى تصنيفها كدولة معادية وعليها الاعتراف بإسرائيل كدولة لكي لا تصبح دولة تصنف دولة معادية للسامية.

نجح نتنياهو في الوصول إلى هدفه الاستراتيجي بأن تصبح إيران هدفاً له تحت ذرائع متعددة وأعتقد أنه نجح بشكل أو بآخر بجعل واشنطن في مواجهة مع طهران وجرها للتورط معه بالرد على طهران وهو ما يعني أن نتنياهو أدخل الإقليم ضمن سفر "إشعياء" الذي يتحدث عن تدمير كل من لا يؤمن "بإسرائيل" ولا بشعب الله المختار.

 

 

 

Loading...