في هذه الأيام التي يرتقي فيها شهداء شعبنا والشعب اللبناني الشقيق بالعشرات والمئات والآلاف، تحت نيران صواريخ وقنابل احتلالٍ حاقد لا يعرف سوى لغة القتل والتشريد والتطهير العرقي منذ أكثر من سبعة عقود بحق شعب هو صاحب الأرض والديار. فإننا اليوم نستذكر رموزاً للنضال الثوري الإنساني، حيث وفي التاسع من هذا الشهر تشرين الأول، نحيي ذكرى استشهاد قائدين ثوريين مميزين، تشي جيفارا وماجد أبو شرار، رغم فارق السنوات التي فصلت بين اغتيالهما الوحشي.
عدو الإنسانية واحد
القتلة هم ذاتهم، وإن اختلفت الأسماء والمواقع. هم أعداء الحرية والسلام والإنسانية، هم من تلطخت أيديهم بدماء الأحرار في العالم، من خلال المجازر والحروب الاستعمارية. سواء كانوا عملاء المخابرات المركزية الأمريكية أو الموساد الصهيوني، لا فرق بينهم وبين أنظمتهم السياسية، فهم يواصلون اضطهاد الشعوب ومحاولة قمع حريتها.
نضال لا يعرف الحدود
تشي جيفارا، الطبيب والمقاتل الثائر الأممي، زار غزة هاشم خلال حياته، وأُعدم منتصب القامة برصاص حاقد وهو مكبل اليدين والقدمين، بينما كان يسعى لنقل تجربة الثورة الكوبية إلى بوليفيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية.
أمّا ماجد أبو شرار، فقد اغتيل بتفجير عبوة ناسفة تحت سريره في غرفته الفندقية في روما، قبل أن تتحقق أحلامه برؤية حرية شعبه الفلسطيني، تلك الحرية التي عاش يناضل من أجلها ككاتب ومثقف وثائر مشتبك.
رؤية ثورية مشتركة
على الرغم من التباعد الجغرافي والزمني بين جيفارا وأبو شرار، إلا أن ما جمعهما هو الفكر الثوري التقدمي. فكلاهما تبنى الفكر اليساري المناهض للإمبريالية الأمريكية والاستعمار الصهيوني. كان عدوهما مشتركاً، السياسات الإمبريالية العنصرية التي تعادي مبادئ الإنسانية والحريات والعدالة والتقدم.
الكفاح من أجل الإنسان والأرض
القائدان الثوريان كافحا من أجل قضايا الإنسان وحقوق المستضعفين بالأرض، وقضايا الحرية والتقدم والكرامة والعدالة الاجتماعية. لقد نجحا في الجمع بين الكفاح الوطني والتحرر الأممي، ورفضا جميع أشكال الاستغلال والقهر، فقد كانا جنوداً في حركة التحرر الأممية، دون أن يغفلا القضايا الوطنية لشعوبهما.
الاستمرارية الثورية
مرت سبعة وخمسون عاماً على اغتيال تشي جيفارا، وثلاثة وأربعون عاما على اغتيال ماجد أبو شرار، لكن ذكرى نضالهما ما زالت حية. هما أيقونتان ثوريتان تستلهم منهما حركات التحرر في العالم. ففي ذكرى غيابهما نقول، كلما أمعنتما في الغياب، أمعن فينا حضوركما.
في الختام أقول، تستمر نضالات الشعوب المكافحة ضد الإمبريالية والاستعمار، سواءً في كوبا التي ما زالت تعاني من حصار الولايات المتحدة، أو في فنزويلا ونيكاراغوا، أو في فلسطين التي تعاني من الاحتلال والحصار المستمر. جميعها تشترك في معاناتها من سياسات القمع والهيمنة، ولكن أيضاً في إصرارها على الصمود والمقاومة حتى تحقيق الحرية والعدالة.