الحمار والبردعة

 

تقال لمن هم الأضعف في أي صراع حيث يتعرضون لـ “رفس" الحمار، ونتيجة لعجزهم يعضون البردعة. فهل بالإمكان اعتبار الضربات الإيرانية على العراق والباكستان عضاً للبردعة؟

في العقدين ما بين النكبة والنكسة كانت إسرائيل تعتقد أن هناك خطوط حمراء تجاوُزها قد يقلص إمكانية تجسيد المشروع الصهيوني إن لم نقل إنهائه، لكن إسرائيل بدأت تكتشف أن بإمكانها تقليص هذه الخطوط إلى درجة تحويلها في ذهنية الأعداء والخصوم إلى وهم.

منذ إنشاء الكيان الصهيوني والأمة تتعرض لضربات في أغلب الأحيان موجعة إن لم نقل محطمة لأحد أهم عوامل صمود الشعوب ألا وهو العامل النفسي. وكان رد أصحاب الفخامة والجلالة والسمو والعمامة بغض النظر سوداء أو بيضاء دوماً أن العدو لن يتمكن من جرنا إلى المربع الذي يريد، وأننا نحن من سيحدد طريقة ومكان وزمان ردنا المزلزل.

إسرائيل ضربت الأمة وعلى العلن من بغداد إلى بيروت والخرطوم مروراً بتونس ودمشق وحلب وليس آخرا كل مدن فلسطين ومخيماتها وعلى رأسها القطاع الحبيب وباستثناء الردود الفلسطينية سواء من القطاع أو الضفة والقدس فإن باقي الردود تعتبر عضا للبردعة.

الاحتلال يمارس حرب إبادة في فلسطين وبالأخص في قطاع غزة الحبيب وربما بغية تكرار تجربة بيروت مع فارق أن الهدف هذه المرة كل سكان القطاع الحبيب. وبما أن القتال على الأرض الفلسطينية فإن الصمود تخطى مدة صمود بيروت وربما يصبح هذا الصمود أحد أهم عوامل تجسيد الكيانية الفلسطينية واقعياً. رغم أن السادة القادة عرب ومسلمين لا زالوا يبحثون عن الزمان والمكان وطريقة الرد على العدوان. وإلى حين إيجاد المكان والزمان والطريقة فهم لا يتورعون عن الإدانة والشجب والاستنكار ليس هذا فحسب بل هم يجسدون السنة النبوية حيث نقل أبا سعيد الخدري عن رسول الله قوله من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه وإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الايمان وزعماء الأمتين العربية والإسلامية يغيرون منكر العدوان الصهيوني بقلوبهم جزاهم الله خيراً.

ففي عام 1982 دخلت إسرائيل بيروت عاصمة الصمود والكرامة بعد صمود اسطوري دام قرابة ثلاثة أشهر. في حينها لم يكن قد حان الوقت المناسب الذي تحدث عنه أصحاب الجلالة والفخامة والسمو ليمنعوا الانهيار، وخرجت المقاومة موزعة على دول عدة. فشكراً لتونس والجزائر واليمن والسودان والعراق وليبيا. أمّا الآن فلا نريد شكر أي دولة عربية او إسلامية على استقبالنا لأننا قررنا أن نبقى في الوطن مهما علا الثمن وهذا لا يعني أننا ننسى أو نغفل موقف الشعوب العربية والحرة في العالم التي نرفع لها القبعات شكراً لكل حر في العالم رفض العدوان على فلسطين.

ربما يسأل أحدكم عن هذه الهرطقة والإجابة ببساطة أنني مقهور إبن مقهور أخا مقهور وأبا مقهور وقهري يزداد يوماً بعد يوم من المذبحة المستمرة في فلسطين مروراً بالهجمات على اليمن وسوريا ولبنان وكرمان.

هل يذكر أحد كيف حرك أصحاب الجلالة والسمو والفخامة جيوشهم الجرارة وأموالهم لتخريب بلد عربي بقصد أم بغيره ولتسقط صواريخهم على الجيش والشعب السوريين بالتزامن مع سقوط الصواريخ الاسرائيلية. وهنا سأجيب على من تخول له نفسه بالسؤال عن أسباب الهرطقة.

ببساطة رأيت في منامي كيف تبدلت أطراف المثل السالف بحيث أصبح الحمار أمريكا والبردعة إسرائيل، حيث اعتقدت أن أصحاب الجلالة والسمو والفخامة أعدوا العدة لهذه اللحظة وبما أنهم ليسوا قدرة أمريكا فليصبوا جام غضبهم على البردعة (إسرائيل) فتخيلت صواريخهم تنهمر على جيش الاحتلال كما انهمرت صواريخ جيش الاحتلال على غزة لقد غاليت في حلمي لدرجة الهرطقة. وربما يطالب الحكام العرب والمسلمين بمحاكمتي على هذا التمادي في الأحلام.

على أي حال أقول لأبناء عمومتنا أن لا تخافوا ولا تقلقوا فقد كان كل ما سلف مجرد كابوس ويمكنكم الاستمرار في نهجكم بالضرب أين شئتم وسلب ما شئتم وبناء ما شئتم وسجن من تشاؤون، يمكنكم أيضا توجيه ضرباتكم الاستباقية تنفيذاً لما ورد في توراتكم، فلن يعضكم أحد.

أين مظفر النواب؟ ونزار قباني؟ حيث دخل كل خفافيش الليل إلى حجرة الأمة!

كلمات مفتاحية::
Loading...