في رواية ألف ليلة وليلة يشترك الأمراء الثلاثة في رغبة واحدة وهي تحقيق أمانيهم بِرَمية نرد واحدة...
الفيلسوف الخميني رحيم بور ازغدي يقول أنه إذا طُلِبَ منه توجيه الضربة القاضية للعدو أميركا واسرائيل ومحوهما في الشرق، فإنّه جاهز لذلك!!!
وكذلك فعل الأمين العام للمجلس الوطني الإيراني سعيد جليلي ولحقه حسن العبّاسي المعروف بكسينجر الإسلام، ولم يقصِّر باللّحاق بهما حسين سلامي قائد الحرس الثّوري الّذي حاول المزايدة عليه وزير الدّفاع حسين دهقان (مرشَّح رئاسي).
بعد هذه التصاريح الّتي جاءت في أوقات مختلفة، ذهبتُ إلى كتب التاريخ عوضًا عن قراءة المستقبل فوجدتُ أنه في عام 53 قبل الميلاد حين قام ماركوس ليسينيوس كراسوس، الّذي كان عضوًا في الثُّلاثيّة الحاكمة في روما، بالذهاب شرقًا إلى سوريا للقضاء على الامبراطورية البارثية في ضربة واحدة. ومع أنه أسّس جيشًا ضخمًا للزحف ليخلّص الإمبراطوريّة الرومانيّة من آخر وألد أعدائها، عدا عن الغنائم (المصالح الآن) في حينه، الا أن الرّمية انقلبت عليه وسقط قتيلاً في مدينة حرّان في التاسع من حزيران من عام 53 حيث تم إعدامه عن طريق صب الذّهب المصهور في فمه عقوبة له على جشعه وحبِّه للمال.
وبعد زمن طويل من وفاة ماركوس، أراد نابوليون بونابرت عام 1806 القضاء على العدو البروسي وإلى الأبد، حيث بالفعل ربح المعركة وأذلّ أعظم قائد بروسي، غيرهارد باليتشش. ومع هذا عاد البروسيون بعد تسع سنوات، وبالتحالف مع الإنكليز والروس، لتدمير الامبراطورية النابليونية وإرساله إلى المنفى... وبعد هروبه من منفاه، حاول نابليون توجيه الضربة القاضية للروس ونجح في حرق عاصمتهم موسكو الا انه، ومن جديد، انطلق النرد ضده وانهزم جيشه العظيم وتعرض للإذلال، لا بل لإذلال هو الأكثر في التاريخ.
في عام 1941 حاول أدولف هتلر تنفيذ الضربة القاضية في عملية بربروسا التي شهدت أسرع تقدم لأكبر قوة عسكرية في التاريخ، حيث وصل الجنرال فريدريش باولوس إلى أبواب القوقاز قبل أن يتمكن ستالين من الانتهاء من تناول زجاجة فودكا. والكل يعرف النتائج وكيف كانت حين وصل السؤال ماذا بعد؟ وهو السؤال الذي لم يطرحه هتلر وقيادته على أنفسهم...
نعود للتذكير بمحاولة شن الهجوم الياباني على بيرل هاربر في 7 كانون الأوّل 1941م، حيث لم تسأل القيادة في طوكيو نفسها ماذا بعد؟ فكانت رمية النرد هذه المرة تدفع اليابان إلى خارج المنافسة على زعامة العالم...
في عام 1967 كلنا يذكر دور الزعيم العربي جمال عبد الناصر والذي أراد حربًا مع إسرائيل لمحوها من الوجود، وأيضا، دون أن يسأل نفسه ماذا بعد؟ وكلنا يعرف بقية القصة والأحداث...
في كتابه حول كيفية كتابة الرواية، يقول اي أم فورستر لكل الطامحين لامتهان الكتابة الأدبية بأن يسألوا أنفسهم دائما، أثناء كتابتهم الرّواية، ماذا بعد؟؟
هل هناك من يسأل في إيران أو اسرائيل نفسه هذا السؤال أم فات الأوان؟؟