في معسكر الممانعة الذي تتصدره إيران، تبلورت وعلى مدى أكثر من سنة بديهية تم تجاهلها في لعبة المصالح، وهي أن الصغير لا يمتلك مقومات التحالف مع الكبير، وليس له في اللعبة سوى أن يكون تابعاً ودافعاً لثمن أجندات من هو أكبر منه، لقاء بعض دعمٍ لا يسمن ولا يغني من جوع.
الأكبر في اللعبة الجارية الآن هي إيران البعيدة جغرافياً، وقد دخلت بصورة مباشرة إلى الحرب مرتين، وإذا ما قيست نتائج دخولها فلم تحقق خسارات بشرية على جبهة الخصم، توازي خسائر دقيقة واحدة على جبهة غزة، ودقيقتين على جبهة جنوب لبنان. وحتى اليمن وسوريا اللتين تكبدتا خسائر أقل مما تكبدته الجبهتان الفلسطينية واللبنانية.
إسرائيل التي تتباهى بحربها على سبع جبهات، ترى مصلحة لها في تصوير إيران كعرّاب للحرب، فهي عنوان التبرير الأعظم لحرب الإبادة في غزة وحرب السيطرة في جنوب لبنان، وكل ما تفعله من قتل جماعي وتدمير شامل، ما هو إلا كما تقول بتر للأصابع والأذرع، وكأن التهديد النووي الإيراني موجود في غزة وفي جنوب لبنان والحديدة.
لا تلام إيران كلياً على ما يحدث، فكل الذي يحاربون أو يُحاربون على الجبهات جميعاً هم من استقوى بها، وطلب دعمها لعله يكسب معاركه الداخلية في بلده، وكل ذلك تمت تغطيته بكلمة لا معنى لها في الواقع "التحالف" إذ لم يسجل التاريخ واقعة واحدة، فرض الصغير أجندته على من هو أكبر منه، تحت مسمى التحالف، بل العكس هو الصحيح، بحيث لابد من استبدال مفردة التحالف بالتبعية، وثمن التبعية نراه على جبهات الأذرع وليس على الجسد الأساسي.
إيران تقف الآن على مفترق طرق ولدى جزء كبير منها ميل للاتجاه نحو الاعتدال، وتغيير نهج العلاقة مع الأذرع، حد عرض وساطة معها في إطار اللعبة الكبرى.
الذين يحاربون أو يُحاربون على كل الجبهات تحت مسمى التحالف أو وحدة الساحات أو معسكر الممانعة، يحتاجون لوقف هذه الحرب الغاشمة، وإيران تستطيع مساعدتهم في ذلك.
أمّا إسرائيل، فهمّها أن يظل الوضع على حاله، تعلن حرباً على إيران وتمارسها بقسوة على فلسطين ولبنان، ولمَ لا ما دام هناك من يشتري معادلة تقول.. "الجعجعة على إيران والطحن على فلسطين ولبنان".