بقلم: أسرة التحرير
غيرت كارثة 7 أكتوبر دفعة واحدة الاتجاه في جملة منظومات فكرية أمنية: رفع كاسح لميزانية الدفاع بعد أربعة عقود من انكماش نصيبها إلى واحد في المئة من الناتج القومي، تمديد الخدمة الإلزامية بعد أن سبق أن قصرت إلى 32 شهرا وكان يفترض أن تقصر اكثر، وتجنيد مكثف لرجال احتياط لخدمة هي الأطول منذ حرب يوم الغفران. وحدات الاحتياط التي أنهت خدمة 90 – 100 يوم، بما في ذلك القتال في غزة، تسرحت في الأيام الأخيرة مع العلم بأنها ستستدعى مرة أخرى إلى خدمة طويلة في الأشهر القريبة القادمة.
منظومة فكرة واحدة فقط لم تتغير رغم المصيبة: تجنيد الحريديين للجيش. حتى في العهود الهادئة فإن انعدام المساواة في العبء هو موضوع مزعج لكن في حرب طويلة يفترض أن تتواصل على مدى السنة وربما اكثر منها، فإن الحديث يدور عن مس شديد جدا بمن يخدمون. وان كانوا يحظون بالتقدير والامتنان بل وبالمنح، لكن المال ليس الجواب على عدم المساواة. جنود الجيش الإسرائيلي في النظامي وفي الاحتياط جديرون بأكثر من هذا: تضامن حقيقي ومشاركة الحريديين في عبء الخدمة.
مئات آلاف رجال الاحتياط انقطعوا في الأشهر الأخيرة عن العائلة، عن المصلحة التجارية أو مكان العمل والتعليم، وتجندوا كي يدافعوا عن سكان إسرائيل. فهذه تضحية من كل جانب، وخطر حياة حقيقي أيضا؛ ثلثا المصابين في الحرب هم رجال احتياط.
الوضع الأمني في غزة، في الشمال وفي الضفة، والضرر الشديد بالأمن وبإحساس الأمن تستوجب توسيع الجيش ليس فقط بالذخيرة وبالتسلح بل وأيضا بالقوة البشرية. فإعادة الأمن ستتم من خلال تواجد اكبر للجنود في الحدود وفي نقاط الاحتكاك. ويفترض بهذا أن يكسر المنظومة الفكرية التي تقول، إن "الجيش يمكنه أن يتدبر أمره بدون الحريديين".
طريقه الوحيد لأن يتدبر أمره بدونهم هو تمديد الخدمة الإلزامية وتجنيد رجال الاحتياط فترات طويلة. والمعنى هو أن مئات آلاف الأشخاص المنتجين سيخدمون في الجيش، في الوقت الذي سيبقى فيه عشرات آلاف الشبان الحريديين في المدارس الدينية ولا يساهمون في الجهد الحربي أو في الجهد الاقتصادي. والأخطر من هذا، فإن حكومة نتنياهو الحالية تشجع بحوافز مختلفة، الحريديين لمواصلة نمط حياتهم وكأنه لم يحصل هنا شيء في 7 أكتوبر. بدلا من تحويل الأزمة إلى فرصة لتجنيد الحريديين، تعتزم الحكومة اثقال العبء على السكان الخادمين. هذا سبب آخر يجعل من الواجب أن تسقط، وبسرعة.
عن هآرتس