كيف انتشرت سرديات إسرائيل المزيفة؟

 

 

 

لجأت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة منذ عام 1948 إلى سياسة الاعتماد على حليف الدعم الخارجي لها؛ وذلك بغية تعزيز شكل من أشكال القوة، واستثمار تلك القوة في اتجاهين: الاتجاه الأول يتمثل في محاولة استكمال بناء المؤسسات الإسرائيلية مع مرور الوقت؛ والعمل على توفير المقومات الاقتصادية والبشرية والعسكرية الضامنة لبقاء واستمرار إسرائيل، أما الاتجاه الثاني فيكمن في استحضار القوة للتصدي للتحديات الخارجية لإسرائيل، ونقصد هنا هاجس الخوف الإسرائيلي من القوة العسكرية العربية.

وفي هذا السياق يذكر Hن إسرائيل اتجهت إلى التحالف مع فرنسا في منتصف الخمسينيات من القرن العشرين كمصدر أساسي لتسليح الجيش الإسرائيلي، كما استطاعت إسرائيل بناء علاقة وطيدة مع ألمانيا الغربية سابقاً، واستفادت إسرائيل من الدعم الألماني المتميز في المجالات العسكرية والاقتصادية حتى منتصف السبعينيات من القرن المنصرم، وقد سبق تلك العلاقات اعتماد الحركة الصهيونية ووليدتها إسرائيل على الدعم البريطاني في المجالات الدبلوماسية والسياسية والعسكرية.

تدوير البوصلة

وتعتبر حرب حزيران في عام 1967 حداً فاصلاً بين المرحلة التي كانت فيها إسرائيل تلعب دوراً هاماً في إطار المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط، والمرحلة التي أصبحت فيها إسرائيل تلعب الدور الرئيسي في إطار المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط، الأمر الذي ترك بصماته على علاقات الولايات المتحدة المتميزة وغير العادية مع إسرائيل. ومن الأهمية الإشارة إلى أن إسرائيل قد مولت حروبها وعدوانها على الدول العربية بالاعتماد على المساعدات الأمريكية السنوية اللوجستية والطارئة، وهي بالتالي أي الولايات المتحدة تعتبر شريكاً لإسرائيل في إرهابها وعدوانها وقتلها للأطفال والشيوخ والنساء العرب على امتداد فترة الصراع العربي الإسرائيلي (1948-2024)، وقد شكلت المساعدات الأمريكية لإسرائيل أحد أهم وابرز مؤشرات العلاقات الأمريكية الإسرائيلية، فتجاوبت الإدارات الأمريكية المتعاقبة منذ عام 1948 مع الإستراتيجية التي تقوم على تطوير التحالف مع إسرائيل وترسيخه في مختلف الميادين السياسية، والاقتصادية، والثقافية، والدبلوماسية، وقد تجلى ذلك بالدعم الأمريكي لإسرائيل في أروقة المنظمة الدولية واستخدام حق النقض الفيتو ضد أية محاولة لاستصدار قرار يدين ممارسات إسرائيل واعتداءاتها المتكررة على الدول العربية، وذهبت الإدارات الأمريكية الى أبعد من ذلك في افشال استصدار أي قرار دولي يدين الأعمال التعسفية لإسرائيل في المنطقة، وقد توضح التوجه الأمريكي لدعم إسرائيل سياسياً وعسكرياً ودبلوماسياً خلال العقود الستة الماضية من العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني والشعوب العربية الأخرى، ومن أهم ملامح الدعم الأمريكي لإسرائيل في المستوى السياسي والدبلوماسي دعمها الدبلوماسي والسياسي لإسرائيل سياسة الضغط المستمر على المنظمة الدولية التي أجبرت على إلغاء  القرار الدولي الذي يوازي بين العنصرية وإسرائيل، بيد أن المساعدات الأميركية لإسرائيل برزت بكونها السمة الأهم في إطار الدعم الأمريكي لإسرائيل، فحلَت تلك المساعدات العديد من الأزمات الاقتصادية الإسرائيلية مثل التضخم في منتصف الثمانينيات من القرن المنصرم، كما حدت من تفاقم أزمات اقتصادية أخرى، ناهيك عن أثرها الهام في تحديث الآلة العسكرية الإسرائيلية، وتجهيزها بصنوف التكنولوجيا الأميركية المتطورة، من طائرات وغيرها، وبالتالي تمويل العدوان الإسرائيلي على الدول العربية.

قيمة المساعدات

تبعاً للمساعدات الأمريكية اللوجستية الحكومية السنوية لإسرائيل، وكذلك المساعدات الطارئة، فإن  قيمة المساعدات الأميركية لإسرائيل خلال الفترة (1948- 2024 ) وصلت إلى (176) مليار دولار ،منها نحو (60) في المائة هي نسبة  المساعدات العسكرية، و(40) في المائة نسبة  المساعدات الاقتصادية، ومن المقدر أن تصل قيمة المساعدات الأمريكية الحكومية  التراكمية المباشرة لإسرائيل إلى( 194) مليار دولار بحلول عام 2030؛ وإذا احتسبنا المساعدات غير المباشرة من الولايات الأمريكية والجالية اليهودية لإسرائيل خلال العقود الماضية من إنشاء إسرائيل، فإن  قيمة المساعدات الإجمالية  تصل إلى نحو (250) مليار دولار أمريكي. وبعد الحديث عن قدرة إسرائيل على استحضار حليف قوي في إطار العلاقات الدولية؛ لابد من الإشارة إلى أن استمرار العلاقة الإستراتيجية بين إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية سيبقى مرهوناً بمدى الدور الرئيسي الذي تلعبه إسرائيل في إطار المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط، والدعم الأمريكي لإسرائيل ماثل للعيان وأمريكا هي التي توجه إسرائيل وليس العكس كما يظن البعض، جنباً إلى جنب مع اعتماد السرديات الإسرائيلية المزيفة وتعميمها على نطاق واسع.

 

 

 

 

كلمات مفتاحية::
Loading...