مقالات مختارة

نعيم قاسم شهيد بتوقيع نصرالله

 

 

 

من تابع الأمين العام الجديد لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، أيقن كم أنّ الفراغ الكبير الذي تركه اغتيال السيد حسن نصرالله من الصعب ملؤه. ليس في هذا الكلام ظلم للشيخ نعيم، وليس فيه تمجيد للأمين العام المغتال، لكن فيه واقعية تطغى على المشهد، وتسلط الضوء على فجوة من الصعب ردمها، لجهة الحضور والتأثير والقدرة على التلاعب بالعواطف والوقائع والحقائق.

يردد فارس سعيد أمثالاً شعبية معبرة. يكرر هذا المثل حتى الملل: ورثة الكبار صعبة. هو ما ينطبق حرفياً على كل السحرة الذين لبسوا ثياب الأنبياء، وينطبق على القادة الذين يتقنون شك الأبر في الوعي الجماعي، ليتحول إلى مخدر ممتع وربما يكون قاتلاً.

كان نصرالله محترفاً في تحويل الهزائم إلى انتصارات، وفي استيهام عواطف الجمهور، واستلاب مشاعره، إلى درجة التضحية بالذات، وتخطي كل الاعتبارات الصعبة والأوجاع.

كان نصرالله بما يمتلك من مواهب تعطيل العقل، قمة الاحتراف في اللعب على عواطف الجمهور، ولا يعني ذلك أنه كان يخدع، بل هو كان بطلاً وحيداً على مسرح يتسع لملايين المشاهدين، يصفقون ولا يفكرون، يحبون بجنون ولا يسائلون، يوقعون على بياض على كل ما يخرج من فم السيد، حتى حدود اليقين الكامل.

اغتيل الساحر، فظلم القدر من تبوّأ مكانته. اغتيل الذي خلط الألوان، وطبعها بطابعه، وأتى ذو اللحية البيضاء، ليكون المظلوم الأول، لا بل الشهيد الأول لمكانة نبوية، عرف نصرالله كيف يبنيها بسرعة. ابن الثلاثين عاماً، الذي مكنته مواهبه وحنكته ودهاؤه، من بناء صرح عصيّ على أيّ كان أن يتجاوزه.

لن يستطيع نعيم قاسم أن يخطب في بنت جبيل، واصفاً إسرائيل بأنها أوهن من بيت العنكبوت. لن يستطيع رفع إصبعي النصر، بعد حرب مدمرة، لن يستطيع تغطية جرائم اغتيال كقتل رفيق الحريري.لن يستطيع برحابة صدر، وصف قتلة شهداء الأرز بالقديسين. لن يستطيع صياغة تفاهمات مع حلفاء مسيحيين وسنة ودروز، وإيهامهم بأنهم جزء من محور يحافظ على هويته تحت عناوين المقاومة تارة، وعنوان تحالف الأقليات طوراً.

مظلوم نعيم قاسم لأن قدراته القيادية لن تسمح له بممارسة ألعاب السحر. لن تسمح له قدراته بأكثر من أن يكون عنواناً لمرحلة انتقالية صعبة يمر بها حزب الله،الذي باتت قيادته وإدارته إيرانية بكامل تراتبيتها السياسية والأمنية والعسكرية.

مظلوم نعيم قاسم لأنه سيواجه ما تركه له نصرالله من إرث ثقيل.

مظلوم نعيم قاسم لأنه سيحمل على أكتافه، 45 سنة من التأسيس، إلى الاستحقاق الآتي.

 

 

 

Loading...