عندما تفتح أميركا صندوقها الأسود...!

 

 

 

بعد غدٍ هو اليوم الذي تغلق فيه صناديق اقتراع الولايات المتحدة الأميركية لتحدد هوية الرئيس السابع والأربعين وساكن البيت الأبيض الجديد، هل سيعود الرئيس ترامب بعد رئاسة مقتطعة، أم تتقدم نائبة الرئيس كامالا هاريس خطوة للأمام لتكون أول رئيسة في تاريخ الولايات المتحدة ؟.
المنافسة شديدة التوقعات مغامرة في ظل التقارب الشديد، وقدرة ترامب على تضييق الفجوة حد تجاوز المرشحة الديمقراطية في بعض الولايات بعد أن كان يتخلف عنها بمعدل خمس نقاط  دفعت بعض المراقبين لتوقع فوز ترامب.
عادة تجري الانتخابات في أول ثلاثاء من تشرين الثاني، لكن يتسلم الرئيس المنتخب مهامه رسمياً في العشرين من كانون الثاني.
أما لماذا تأخذ المسألة كل هذا الوقت ؟ فلأن الأمر مرتبط بالمجتمع الأميركي القديم حيث كان يتم شحن الصناديق الانتخابية على ظهور الأحصنة نحو العاصمة واشنطن وهو ما كان يحتاج في بعض الحالات إلى أسابيع. ورغم تطور التكنولوجيا ووسائل المواصلات بقي التقليد على تخلفه القديم.
وقد بدأ وضع كامالا هاريس يتأرجح في الأيام القليلة الماضية لدرجة التهديد. فهي لم تأخذ وقتها الكافي للدعاية الانتخابية حيث ترشحت نتاج أزمة طارئة في اللحظة الأخيرة، ولم يتم انتخابها من قبل مندوبي الحزب الديمقراطي في الولايات المختلفة ما تسبب بقدر من الاستياء لدى قواعد الحزب ومناصريه، بجانب ملاحظات على أدائها في الحوارات التلفزيونية.
كل تلك الأسباب وغيرها باتت تهدد مستقبل كامالا هاريس ومعها مستقبل الحزب الديمقراطي الذي يشهد خلافات عميقة ستؤدي إلى انقسامات في صفوفه، وهي تتمثل بالشرخ الحاصل مع التقدميين نتاج سياسات اتخذتها إدارة بايدن - هاريس جعلت من قاعدة الحزب غير متماسكة بعكس الحزب الجمهوري المتماسك والملتف خلف مرشحه ونائبه، ولن يوقف انقسامات الحزب الديمقراطي سوى فوز مرشحته للانتخابات وهذه باتت بحاجة إلى معجزة.
لذا أصبح القتال شرساً على الولايات السبع المتأرجحة إذ تحتاج هاريس إلى الفوز بثلاث منها بعد نجاحها بحسم كثير من الولايات أكثر من ترامب.
لهذا كثف المرشحان زياراتهم وخطاباتهم في تلك الولايات تحديداً ميتشيغان ذات الخمسة عشر صوتاً في المجمع الانتخابي وبنسلفانيا ذات التسعة عشر صوتاً.
بات ترامب في أيامه الأخيرة يتحدث بثقة مطلقة بالفوز. صحيح أن تلك واحدة من أساليب الدعاية لكن الأمر هنا أبعد من ذلك إذ بدأ يتحدث عن تشكيل طواقم وتلك يمكن ألا تكون في صالح ترامب فربما تستنفر قواعد الديمقراطيين الغاضبة أو غير المبالية بالتصويت. لكن ما يثير فزع الديمقراطيين الذين يراهنون على الأصوات المترددة أن كل أولويات التصويت بالنسبة للمواطن الأميركي هي الاقتصاد، وفي هذا تعطي الاستطلاعات أفضلية لترامب الذي يبدو بنظر الناخب أنه أكثر قدرة على إدارة الاقتصاد.
عادة ما كانت الاستطلاعات التي تسبق الانتخابات تظلم ترامب وتعطيه أقل من أصواته الحقيقية.
حدث هذا العام 2016 عندما كانت الانتخابات شبه محسومة لصالح هيلاري كلينتون، وتكرر الأمر العام 2020 عندما أعطت الاستطلاعات فارقاً كبيراً لصالح بايدن لكن الأرقام لم تكن كما جاء في الاستطلاعات.
فهل تخفي الاستطلاعات كما في كل مرة تفوقاً لصالح المرشح المشاكس ؟ ربما ... لكن هذه المرة ربما نحتاج إلى أيام لنعرف النتائج نظراً للتعقيدات التي أدخلها الجمهوريون في بعض الولايات التي يحكمونها بعد سقوط مرشحهم قبل أربع سنوات منها الفرز اليدوي في حال طلب أي من المرشحين وهو لم يكن سابقاً.
في حال فوز ترامب ستكون الأمور عادية لكن انعكاساتها ستكون داخل الحزب الديمقراطي. لكن إذا ما فازت هاريس ستكون الولايات المتحدة على مشارف مشهد انقسامي ينذر بحالات من العنف والتمرد.
فلن يسلم ترامب ببساطة بالهزيمة وأن ما حدث العام 2000 من اقتحام للكونغرس سيكون مجرد بروفة صغيرة يصلي كل الذين أحرقتهم السياسات الأميركية ونيرانها أن تحدث وقد أحدثت واشنطن ما يكفي من الفوضى في الكثير من دول العالم وتركتها خراباً.
هذه الجولة لا تشبه الجولات السابقة ولا السيناريوهات اللاحقة التي يمكن أن تحدث. ولكن كما في كل انتخابات تحبس العواصم أنفاسها منتظرة اسم ساكن البيت الأبيض الجديد ورغم جنون ترامب لكن هناك عواصم تنتظر فوزه مثل موسكو. ولكن أغلب دول العالم وتجمعاته تصلي لأن يسقط ترامب مثل الصين وأوروبا وحلف الناتو.
والمثير أن يقول أحد النشطاء الفلسطينيين في الولايات المتحدة إن هناك دولتين من هوامش الخليج العربي تتنافسان في الدعم، واحدة لصالح هاريس والأخرى لصالح ترامب ...! وتلك قصة أخرى.
أما جيل ستاين المرشحة عن حزب الخضر التي يلتف حولها النشطاء الفلسطينيون والمؤيدون للحقوق الفلسطينية، فقد تسببت الأصوات التي حصلت عليها قبل ثماني سنوات  بعدم حصول هيلاري كلينتون على الأغلبية في بعض الولايات ما أدى لفوز ترامب.
فهل سيتكرر المشهد ؟ ... بعد غد تتضح الصورة.

 

 

 

 

Loading...