آخر الإثباتات التى تتعمَّد إسرائيلُ توصيلَها للعالم أجمع، بهدف إقناع من لم يقتنع بعد بأنه لا سقف لتصعيد جرائمها وأنه لا رادعَ لها، أن قواتها، انتهاكاً لكل القوانين الدولية والأعراف الإنسانية، صوَّبت قصفها، صباح الجمعة الماضى، على مخزن الأدوية والمستلزمات الطبية فى الطابق الثالث بمستشفى كمال عدوان بمخيم جباليا شمالى قطاع غزة، فأحرقت المخزن بما فيه! وبهذا لم يعد هناك فرصة لعلاج من يشرفون على الموت من قصفها الهمجى الذى يستهدف المدنيين العزل، بعد منعهم من الغذاء والمياه والكهرباء والصرف الصحى..إلخ! وقبلها بعدة أيام اقتحمت قواتها المستشفى واحتجزت مئات الفلسطينيين الجرحى وآخرين يتخذونه مأوى بعد أن دمرت إسرائيل منازلهم، كما ألقت القبض على طواقم الأطباء والممرضين! وبالتوازى مع كل هذا استمرت فى الإيغال فى قتل الأطفال الذين بلغ إجماليهم خلال 13 شهراً حتى صباح الجمعة الماضى، وفق بيانات الجهاز المركزى للإحصاء الفلسطينى: 17210 أطفال فى غزة وحدها، ووصل الضحايا من الطواقم الطبية: 1047، ومن الكوادر التعليمية: 496، ومن الصحافة: 182، ومن موظفى الأونروا: 203، غير الآلاف من النساء والرجال والمسنين من الفئتين، والمفقودين من كل الفئات. وأما الأونروا، هيئة الأمم المتحدة لغوث اللاجئين الفلسطينيين، التى حظر الكنيست الإسرائيلى عملها الأسبوع الماضى، دون اكتراث بالمعارضة العالمية، فقد أسستها الأمم المتحدة فى عام 1949، بعد عام واحد من تأسيس إسرائيل، لتعمل بشكل مؤقت حتى الوصول إلى حل عادل للقضية الفلسطينية.
وفى الوقت الذى تراعى فيه إدارة بايدن أن مرشحتها كمالا هاريس مقبلة على الانتخابات الرئاسية بعد أيام، وتحاول أن تدعم موقفها الانتخابى بإيحاء أن الإدارة تسعى لإبرام اتفاق لوقف القتال، تنطلق إسرائيل فى اتجاه عكسى بالتوحش العلنى فى تصعيد جرائمها! وهو ما يدعو بعض المعلقين الأمريكيين إلى ترجيح أنها تسعى لإضعاف فرص هاريس، لصالح ترامب الذى تراه أفضل لها بعد أن استنفدت طاقة إدارة بايدن فى دعمها. لقد صارت إسرائيل دليلاً حياً مفحماً على فشل النظام العالمى فى حفظ السلام، خاصة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، الذى فشل فى مهمته الأولى.