في عهد الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده الأمير محمد، مارست المملكة سياسة محسوبة خطواتها بدقة، من حيث المحتوى والتوقيت وحتى الشكل، وفي الوقت الذي كانت فيه إيران على المهداف السياسي الأمريكي، والعسكري الإسرائيلي، فوجئ متابعو السياسات التقليدية بالتوصل إلى تفاهم سعودي إيراني، بوساطة "البعبع" الصيني.
وفي الوقت الذي انفتحت فيه الدولة السعودية على روسيا، استضافت الرئيس الأوكراني زيلينسكي في القمة السابقة، وتلقت كذلك رسالة إيجابية من بوتين بدت كما لو أنها تفهّم من جانب الزعيم الروسي لحق المملكة في ممارسة سيادتها على حركتها وقراراتها.
وفي الوقت الذي أصدر فيه الكنيست تشريعاً ملزما للحكومات الإسرائيلية بمنع قيام دولة فلسطينية، أسست المملكة لتحالف دولي عنوانه ومضمونه وهدفه، العمل من أجل إقامة الدولة الفلسطينية.
هذا في السياسة التي تنعقد قمة هامة لها في الرياض، تزامنت هذه القمة التي جاءت في وقتها مع قدوم ترامب إلى البيت الأبيض، وحوله كل ما يحيط بهذا القدوم من مخاوف عربية وإسلامية، بأن يعيد الحياة إلى صفقة القرن التي رُفضت من العالم كله.
كما تزامن معها وصول رئيس أركان الجيش السعودي إلى طهران، ليجتمع بعد عناق حار مع نظرائه العسكر الإيرانيين في خطوة لا يمكن وصفها بالبروتوكولية أو الادعائية، بقدر ما تحمل دلالات خاصة وبالغة الأهمية انتبه لها العالم كونها تأتي في سياق سياسة تحتاجها المنطقة والعالم، عنوانها ومحتواها "صفر مشاكل" في أكثر المناطق اكتظاظا بالنزاعات والحروب وغياب الآفاق السياسية للحلول.
قمة السياسة في الرياض جاءت في وقتها، بما تحمله من رسائل مباشر أهمها للرئيس ترامب المؤسس لمسيرة اتفاقات ابراهام التطبيعية، ولقاء العسكر في طهران، يعنيان ليس كل ما يرتدي لباس الجنرال لا صلة له بالديبلوماسية والسياسة، وهكذا فالأذكياء يفهون.