نتنياهو يغرق في أزماته

 

 

 

تخلصّ نتنياهو من معارضيه واحداً تلو الآخر، حتى وجد نفسه يقود القرار السياسي والعسكري دون عوائق تذكر، معتمداً على وزير دفاع يوصف في إسرائيل بالدمية التي يحركها كيفما يشاء.

غير أن تفرده بالقرار لم يوفر له مزايا بقدر ما أغرقه في أزمات جديدة تجسد بدايات عد تنازلي حتمي لنزوله عن العرش، قد لا يكون ذلك في وقت قريب إلا أنه سيكون حتمياً، بحيث تكون فيه ولايته الحالية هي الأخيرة.

تحايل كثيراً ولمدة سنوات طويلة محاولاً الإفلات من تهمٍ، الواحدة منها تكفي لإيداعه السجن أو بتسوية ترسله إلى البيت ولقد نجا منها بالتأجيل، وأخطر ما فعل أنه دخل مع معاونين له في لعبة معقدة، هدفت إلى إنهاء سلطة القضاء ونقل القرار النهائي في كل أمر إلى الكنيست حيث سيطرته الكاملة.

جاءت الحرب وأعطته مبررات فعّالة للإفلات المؤقت من المسائلة، ومن أجل أن يمنح نفسه وقتاً لعله ينجو، وسّع الحرب لتشمل سبع جبهات ومدد مساحتها الزمنية لتتجاوز السنة، ويسعى لأن يجعلها أبعد من ذلك بكثير.

أدخل إسرائيل في مآزق داخلية ودولية سياسية واقتصادية ومعنوية، يحدث ذلك... مهدراً كل الفرص التي أتيحت لوقف الحرب، وليس ذلك فقط وإنما أضاف إلى أجندته المغامرة بنوداً تجعلها حرباً دائمة إن هدأت لأيام فستظل جاهزة للاشتعال على الدوام.

عاد للحديث عن الضم وعادت جماعته للحديث عن الاستيطان في غزة، وتوسيع الحرب على الضفة والطلب من لبنان أن يوافق على سيطرته المطلقة على أجواءه، وهذا ما يوصف حتى في إسرائيل بالهروب إلى الأمام، بينما أزماته وأزمات الدولة تتكاثر وتتعمق، وآخرها حتى الآن أزمة التسريبات الخطرة والتلاعبات التي تورط فيها كبار موظفي مكتبه بالتواطؤ المباشر معه، مضافاً إلى ذلك مطالبة المستشارة القانونية للحكومة بطرد بن غفير أحد أركان حكومته وقيادته، وكذلك ارتفاع نبرة الحديث عن وقوفه أمام طريق مسدود، وأن عجزه المؤقت عن أداء مهامه أصبح واقعاً.

تفرده بالقرار السياسي والعسكري، وأنانيته وتشبثه أنتج كل هذا التأزم الداخلي في إسرائيل، وهو تأزم لا ينفع معه ترمب، ولا يخرجه منه توغله في حرب على سبع جبهات قابلة للزيادة.

إن إسرائيل في عهد نتنياهو تبدو كما لو أنها مجرد استثمار شخصي لمصالحه وزعامته، وكل يوم يبدو جلياُ أنه أفدح استثمار وأعلاه كلفة.

 

 

 

Loading...