ظهر مصطلح التهجير بكثافة استثنائية، منذ الأيام الأولى للحرب على غزة، ومما يشير إلى أنه كان قابلاً للتنفيذ من الجانب الإسرائيلي، التصريحات التي صدرت عن مسؤولين سياسيين وعسكريين، ودعت أهل غزة للتوجه إلى سيناء تلمساً للنجاة من القتل، وقيل أيضاً إن إسرائيل على استعدادٍ لتوفير مساكن لهم هناك.
لم يحدث ذلك واستعيض عن التهجير إلى سيناء بالتهجير الداخلي، الذي أنتج لإسرائيل من المشاكل أكثر مما وفّر لها من مزايا، إذ صارت تحتل كل منطقة في غزة عدة مرات وتتكبد خسائر مضاعفة.
التهجير فشل في غزة، رغم حرب الإبادة وهو فاشل أصلاً في الضفة، ولا ننسى مواقف الأشقاء من هذا الأمر في مصر والأردن.
والآن يجري تصعيدٌ في التهديد بالضم، ليس من جانب سموتريتش وبن غفير، بل ومن جانب نتنياهو الذي أفصح عن أن الضم وضع على جدول الأعمال بتزامنٍ مع قدوم حليفه ترمب إلى البيت الأبيض.
الممكن في مسألة الضم، هو صدور قرار من الكنيست بإجازة ضم جميع الضفة، أو أجزاءٍ واسعةٍ منها، أمّا المستحيل فهو هضم إسرائيل لمنطقة يعيش عليها أكثر من ثلاثة ملايين نسمة، يجمعون على حقهم في الحرية والاستقلال ولا يرون عن بقائهم على أرض وطنهم بديلاً.
لو اتخذت الحكومة الإسرائيلية قراراً بالضم وأيّدته الإدارة الأمريكية أو صمتت عليه، فذلك يعني خلق مشكلة هي الأكبر من كل المشاكل الناجمة عن الاحتلال والاستيطان، وستكون بمثابة إعلان حربٍ إضافية فوق الحرب المشتعلة الآن، والتي مهما تظاهرت إسرائيل بالقدرة على حسمها إلا أنها تعاني الأمرّين من نارها.
لا نهون من الضم كصب زيت إضافي على النار، إلا أننا نملك كل المقومات الفعلية لجعله مأزقاً لإسرائيل، وها نحن بعد مرور قرن على بداية قضيتنا ما نزال على أرضنا وسنبقى ونقاوم.