يحلو لرئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو الحديث عن أنه يخوض حرباً على سبع جبهات في وقت واحد وذلك من أجل تعظيم قيمته في نفوس وعقول الجمهور اليميني المتطرف داخل إسرائيل ومن أجل خلق التعاطف معه خارجها وخاصة في أوساط الجماهير والشعوب في الغرب والتي غُسلت أدمغتها وعلى مدى عقود طويلة بالدعاية الصهيونية الكاذبة المعتمدة على أكذوبة معاداة اليهود "اللاسامية" والتي ارتكزت إلى أحداث "الهولوكوست" في المانيا وبولندا.
ولكن مؤخراً ومع اقتراب موعد بدء محاكمة نتنياهو أخذ الإعلام العبري وبخاصة المقرب من نتنياهو يتحدث عن جبهة حرب ثامنة يخوضها نتنياهو وهنا المقصود هي القضايا والتهم الموجهة إليه وهي الاحتيال وخيانة الأمانة والرشوة وهذه القضايا إن أدين فيها سيقضي نتنياهو بقية حياته في السجن حيث تصل الأحكام فيها إلى أكثر من 25 سنة على الأقل، وهي القضايا التي أخذ المدعى العام قراراً في بدء التحقيق فيها عام 2019 وهي لمن ليس على اطلاع عليها ما يلي:
• القضية الأولى ووجهت لنتنياهو فيها تهمة تلقي الرشاوى وخيانة الأمانة والاحتيال في ملف "4000" المعروف بقضية شركة الاتصالات "بيزك" (أكبر مجموعة اتصالات في إسرائيل) خلال ولايته كرئيس للوزراء ووزير الاتصالات حيث سعى نتنياهو للحصول على تغطية إعلامية إيجابية في موقع "ويلا" الإخباري الذي يملكه رئيس مجموعة "بيزك" شاؤول إيلوفيتش مقابل خدمات وتسهيلات حكومية عادت على مجموعته بمئات ملايين الدولارات.
• القضية الثانية تهمة الاحتيال وخيانة الأمانة في الملف "1000" المعروف بتقديم هدايا من أنواع فاخرة من السيجار وزجاجات الشمبانيا والمجوهرات، حيث يشتبه في تلقي نتنياهو وزوجته سارة رشاوى بقيمة 750 ألف شيكل (240 ألف دولار) من المنتج الإسرائيلي الهوليوودي أرنون ميلتشان، و250 ألف شيكل من الملياردير الأسترالي جيمس باكر.
• القضية الثالثة فهي تهمة الاحتيال وخيانة الأمانة في الملف "2000" المعروف بقضية "يديعوت أحرونوت"، على خلفية محاولته التوصل إلى اتفاق مع الناشر مالك الصحيفة أرنون موزيس للحصول على تغطية إيجابية له في الصحيفة ، وذلك خلال فترة ولايته كرئيس للوزراء ووزير للاتصالات.
الجبهة الثامنة أو "الهروب من المحاكمة" هي الجبهة الأخطر و العامل الأول والأهم و الذي دفع نتنياهو خوض غمار الحرب في غزة ولبنان بهذه "الحيوانية والافتراس العسكري" منقطع النظير، حيث شكلت له الحرب فرصة للهروب إلى الأمام على أمل أن يجد منفذاً ما ينقذه من السجن المتوقع على خلفية القضايا المشار إليها وهو الأمر الذي بات مفضوحاً ومعروفاً لدى الجمهور الإسرائيلي ولكن بالنسبة لنتنياهو فقد انغمس في لعبة الهروب إلى الأمام عبر التصعيد والتسويف في قضية الأسرى والتدمير في غزة للدرجة التي كاد فيها نسيان هذه القضايا التي تلاحقه إلى أن تلقى الصدمة الكبرى قبل عدة أيام والتي أفاقته على حقيقة واقعه كمتهم باللصوصية ملاحق قضائياً وذلك عندما قررت المحكمة المركزية في القدس رفض طلب تأجيل محاكمته المقررة في الثاني من الشهر القادم والمقدم من محاميه لتأجيل موعدها إلى شهر شباط من العام القادم بحجة أنه يدير شؤون الحكومة بالإضافة إلى إدارة شؤون الدولة في زمن الحرب رغم أنه سبق له أن أعلن أمام المحكمة العليا السنة الماضية، أنه يستطيع إدارة شؤون الدولة جنباً إلى جنب مع إدارة قضية دفاعه عن نفسه في محاكمة الفساد وذلك في رده على القضية التي رفعتها جمعية (طهارة الحكم) والتي طالبت بعزله وذلك وفقاً لقانون (رئيس وزراء تحت لائحة اتهام)؛ أي أنه من غير الممكن أن يدير قضية كهذه وهو يتولى مسؤولية قيادة دولة في ظل التحديات غير أن نتنياهو صرح أمام المحكمة، وقتذاك بأنه يستطيع إدارة الدولة تحت المحاكمة من دون مشكلة لذلك قرر القضاة قبول حجته وإتاحة الفرصة له للاستمرار في عمله كرئيس للحكومة .
كعادته يمارس نتنياهو الخداع والتذاكي و دفع محاميه لطلب تأجيل المحكمة بحجة تعذره في ظل أجواء الحرب حضور جلسات المحاكمة في تناقض صارخ مع إعلانه السابق أمام المحكمة العليا والذي أقرّ فيه أن محاكمته وجلساتها لن تؤثر عليه وعلى إدارة شؤون الدولة علما أن شهود الإثبات الذين سيشهدون ضده بلغ عددهم 333 شاهداً وستكون جلسات الاستماع والمناقشة لهم ثلاث مرات أسبوعياً بواقع أربع ساعات لكل جلسة وهو الأمر الذي قد يدفع المعارضين له برفع دعوى عزله مؤقتاً عن رئاسة الحكومة لتعذره القيام بمهامه وتكليف شخص آخر للقيام بمهامه لحين انتهاء المحاكمة .
حاول نتنياهو استثمار الحرب للهروب من المحاكمة لكن لعنة المحاكمة وفساده المالي والأخلاقي بات كظله سيلاحقه على ما يبدو حتى دخوله السجن.