مبادرات أم مناورات

 

 

 

أحمل بداخلي سؤالاً لا أعرف من يستطيع الإجابة عليه. يتعلق السؤال بعاموس هوكشتاين الذي ولد في إسرائيل وهاجر مع عائلته اليهودية إلى أمريكا، وتلقى تعليمه في مدارسها وجامعاتها. وبعد أن خدم في جيش الاحتلال الإسرائيلي لثلاث سنوات (1992 - 1995) في سلاح المدرعات، أصبح مواطناً أمريكياً وبرز كشخصية مؤثرة في السياسة الخارجية الأمريكية، خاصة فيما يتعلق بالصراع الفلسطيني-الإسرائيلي واللبناني-الإسرائيلي. وهكذا أصبح هوكشتاين من أبرز مستشاري الحزب الديمقراطي في لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأمريكي (الكونغرس) لمدة تسع سنوات تقريباً. والآن، يعمل وسيطاً لحل أزمة الصراع، بل الحرب الدائرة على أرضنا من جنوبها إلى كل البقاع الأخرى، والتي تشهد قتلاً ودماراً وتهجيراً واسع النطاق. السؤال: هل كانت إسرائيل لتقبل بتعيين عربي أو فلسطيني أو لبناني يحمل الجنسية الأمريكية وقاتل في صفوف المقاومة كوسيط في ظل هذه الظروف؟

ويثير هذا السؤال سؤالاً آخر: هل كانت مبادرات هوكشتاين خلال الفترة الماضية حقيقية أم أنها مجرد مناورات؟ وإذا تبين أن هذه المبادرات كانت مناورات، فماذا يمكن أن نتوقع من قدومه اليوم كوسيط؟

يذكرني هوكشتاين بكل ما قرأت عن تكتيكات الكولونيل توماس إدوارد لورانس، الذي كلف بمهمة فصل الولايات العربية في حينه عن السلطنة العثمانية لتحقيق أهداف بريطانيا الاستعمارية. استخدم لورانس الدعاية والإقناع لجعل الأمير فيصل (نجل الشريف حسين) يعتقد أنه المنقذ، تمامًا كما فعل هوكشتاين عندما وصف الرئيس بري بالـ"بوس Boss" في خطابه من على منبر عين التينة.

وبعد انهيار الإمبراطورية العثمانية انقضت أحلام الدولة العربية الموعودة واكتُشِفَت خديعة ذاك الضابط البريطاني الذي نفذ باحتراف مذهل خطته الخديعة (والتي على إثرها لُقِّبَ بلورانس العرب). فلقد أبرم الفرنسيون والبريطانيون فيما بينهما اتفاقاً سرياً لتقسيم الشرق الأوسط عُرِف آنذاك باتفاقية سايكس بيكو التي رسمت بخطوط طويلة، مستقيمة تارةً ومائلة تارةً أخرى، حدوداً في الرمال وضعت بموجبها سوريا ولبنان تحت سلطان الإدارة الفرنسية بينما وضعت منطقة الخليج والعراق وفلسطين والأردن تحت سلطان الإدارة البريطانية.

سؤال أخير: بماذا سيلقِّب الرئيس بري هوكشتاين قريباً، وقريباً جداً؟

 

 

 

كلمات مفتاحية::
Loading...