كان بوسع نتنياهو أن يعيد المحتجزين في غزة، الأحياء منهم والأموات إلى بيوتهم ومقابرهم، ولكنه لم يفعل ذلك، مع أن الصفقة التي كان يجري الحديث عنها هي أمريكية الصنع.
ما فعله نتنياهو من مماطلات وتحايلات واختراع شروط تعجيزية، أثبتت للقاصي والداني، ولذوي المحتجزين قبل غيرهم، وكذلك للمستوى الأمني والعسكري في إسرائيل، أن الرجل يستثمر في بقاء المحتجزين بين يدي حماس، على نحو يفيد أجندته أكثر بكثير مما لو تمت الصفقات وأغلق ملف المحتجزين.
المحتجزون ومنذ قرر نتنياهو خوض الحرب الانتقامية على غزة، ثم طورها إلى سبع جبهات، جرت التضحية بهم، فهم الذريعة النموذجية لمواصلة حرب الإبادة، وبميزان الربح والخسارة الذي أدار به الحرب، فالمحتجزون يضافون إلى عدد الخسائر البشرية التي تكبدتها إسرائيل في حرب الجبهات، ولسان حاله يقول.. أن بضع عشرات منهم ليسوا أفضل من آلاف القتلى والجرحى الذين قدّمهم "جيش الدفاع" هو لا يقول ذلك... ولكنه لا يفعل غير ذلك.
نتنياهو وشركاؤه في الحكم والقرار، يفصحون عن أن غزة صارت مشروع بقاء أمني طويل الأمد، وقد يفتح ذلك الباب لإعادة استيطان أجزاء منها، ولم لا يفكر بهذه الطريقة، وهو يرى عجز العالم عن الوقوف في وجهه، ويرى حلفاءه في واشنطن يدعمون ويتبنون ويغطون حربه وليس آخر فيتو هو الدليل الوحيد على ذلك.
إن نتنياهو الذي يفصح عن بقاء طويل الأمد في غزة، قدّم جوابه الواضح عن سؤال اليوم التالي.. وما يجدر الانتباه له والتحوّط منه والاستعداد لمواجهته فلسطينياً، أضحى أكبر بكثير من لجنة إدارية يتفق عليها بين حماس والسلطة في رام الله، وبمقياس أوزان القضايا والتحديات.. فالأمر بحاجة لما هو أكبر من ذلك بكثير.