بعد الانتصار الكاسح للرئيس الأمريكي السابق (والقادم) دونالد ترمب خاصة بعد "استيلائه على السلطات الثلاثة"، كثرت الآراء حول مستقبل العلاقات الامريكية/ الإسرائيلية والموقف من الصراع العربي- الصهيوني. وفي هذا السياق، أمكن – أساساً من أدبيات سياسية إسرائيلية وغربية رصينة- حصر ثلاثة سيناريوهات كبرى:
أولها: يستند إلى ما يخطط له بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي (أيضاً المنفرد راهناً بالحكم). والمقصود هنا: تكرار عملية "حلب البقرة" (الأمريكية الترامبية) مع بداية الفترة الرئاسية الجديدة للرئيس المنتخب. وفي هذا النطاق، وفي مستوى الحد الأدنى، يدفع نتنياهو- بقوة شهية مفتوحة - نحو تكبير "إسرائيل الصغيرة جداً" (وفق تعبير ترامب). وعليه، يخطط "ملك إسرائيل" للحصول على موافقة ودعم "الملك ترامب" لضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية، والاعتراف بشرعية "مستوطنات" اضافية فيها وأيضاً تأكيد السيطرة الإسرائيلية على شمال قطاع غزة، وربما إطلاق "وحش الاستيطان" فيه، علاوة على إقامة منطقة أمنية عازلة في لبنان حتى حدود نهر الليطاني! ولعل قمة أماني نتنياهو: النجاح في إقناع الرئيس الأمريكي القادم بشن حرب لضرب النظام الإيراني ومؤسساته ومرتكزاته وبالذات "المنشآت النووية". وفي هذا السياق، يجد الباحث عديد الآراء والاقتباسات الإسرائيلية والغربية والعربية المتزنة التي ترجح هذا السيناريو، خاصة بعد اتضاح الصورة العامة للطاقم الذي سيتولى الحكم إلى جانب الرئيس ترامب، وهو طاقم يضم مجموعة من المتطرفين والمتشددين الصهاينة "الموالين" لإسرائيل (ربما أحياناً أكثر من ولائهم للولايات المتحدة ذاتها)، وبعضهم كذلك من ألد خصوم الصين وإيران.
أما السيناريو الثاني، فمختلف كثيراً حيث أن عدداً متزايداً من المراقبين الإسرائيليين (وغيرهم) يتوقع أن لا يتجاوب الرئيس الأمريكي القادم مع كل ما يتمناه نتنياهو وائتلافه الحاكم. فترامب النرجسي/ الدكتاتوري (وبالذات لأن هذه هي ولايته الأخيرة) يسعى بكل قوة لدخول التاريخ بصفته "باني أمريكا العظيمة"، و"مطفئ حرائق الحروب" حول العالم، علاوة على توسيعه لاتفاقات أبراهام (بما يؤهله ربما لنيل جائزة نوبل للسلام منهياً، بالتالي، رصيده الجنائي المتعدد الذي التصق باسمه عبر سنوات). ولذلك، من المرجح أن يراعي الرئيس ترمب المملكة العربية السعودية ودورها، خاصة بعد تأكيد صورتها بوصفها القائدة للمعسكر الإسلامي (السني أساساً لكن غير المتصادم بل ربما المتعاون مع المعسكر الإسلامي الشيعي). ويضاف إلى هذا "نجاح" نتنياهو في "حرق "سمعته السياسية بما جعله يصبح عبئاً على حلفائه إذ بعد أن أصبحت "صيانته.. عالية التكاليف" الأمر الذي جعل أحدهم يتوقع أن يتولى ترمب إطاحة نتنياهو!! ومع ذلك، فإنك لن تجد باحثاً أو مراقباً رصيناً يأمل في أن يتراجع الرئيس ترمب عن جوهر سياساته السابقة المتضمنة أساساً فيما سبق وأسماه "صفقة القرن" سيئة السمعة والصيت!
وعن السيناريو الثالث، يتزايد عدد من يرى من السياسيين والباحثين والإعلاميين والعسكريين بأن محصلة سياسة ترمب في عهده الجديد ستكون مزيجاً (غير محدد النسب المئوية بدقة) يضم في ثناياه خليطاً من عناصر ومكونات السياسة والمواقف الموصوفة في السيناريوهين السابقين.
إذن، نحن أمام مضامين ثلاثة سيناريوهات قاسية أحلاها مرّ المذاق والنتائج، ومن المرجح لها أن تدوم معنا لسنوات أربع عجاف! غير أن هذا الاستخلاص يجب أن لا ينسينا حقيقة أن عهد ترمب الأول مضى دون أن يستطيع فرض سياسته ورؤيته على الشعب الفلسطيني الصابر والمناضل والمقاوم منذ "قرن" من الزمان، وهو – ومعه شرفاء وأحرار العالم- كفيل بتجاوز صفقة "قرن" ترمب بنسختها الجديدة المتوقعة!