نتنياهو... يُجهز على "الاعتدال".. ويجرّ أمريكا وراءه

 

 

 

أخذت إسرائيل من العرب والفلسطينيين، أكثر بكثير مما حلم به مؤسسوها، الفلسطينيون الضحية الأولى، اعترفوا بها وقبلوا بحلٍ يمنحهم جزءً بسيطاً من أرضهم التاريخية، والدول العربية النوعية في الجغرافيا والديموغرافيا، أقامت علاقاتٍ ديبلوماسية كاملة معها، لتقطع إسرائيل شوط تطبيعٍ وصف بالتاريخي، مع العديد من الدول العربية من المحيط إلى الخليج، حتى أن الذين لم يطبّعوا أصبحوا أقلية في عالمنا العربي.

كان حلم مؤسس دولة إسرائيل أن تصبح جزءً من البيئة الشرق أوسطية، وقد وقع انقلابٌ في المعادلات، بمقتضاه صار اندماج إسرائيل في البيئة الشرق أوسطية مطلباً عربياً، ما دفع نتنياهو إلى أن يطلب ثمناً لذلك، بدل أن يدفع، فهو يريد تطبيعاً مجانياً مع السعودية حيث البحث في الأمر مطروحٌ على نطاق واسع، ويريد ترتيب الخرائط والقوى والكيانات في الشرق الأوسط، وفق أجنداته وتصميماته.

نتنياهو يدرك أنه لا يستطيع قطع خطوة واحدة في اتجاه أجنداته، إن لم تكن أمريكا معه بالمطلق، فإسرائيل بإمكاناتها الذاتية تعجز عن السيطرة على غزة وجنوب لبنان وحتى القدس والضفة، فكيف هو الحال وتطلع نتنياهو أن يسيطر على أخطر منطقة في العالم هي الشرق الأوسط.

الاعتدال العربي والفلسطيني جاء استجابة لمعادلات دولية أملت ذلك، ولكنه من وجهة النظر الإسرائيلية اعتدال العاجزين وليس الراغبين في أمنٍ وتنميةٍ واستقرار.

الحرب الراهنة والسياسة الأمريكية تجاهها، وخيارات ترمب في الوظائف الرئيسية، تُظهر اتجاهاً خطراً لمعاقبة الاعتدال الفلسطيني والعربي، وليس إرضاءه، إذ تصاعد الحديث عن ضم الضفة والسيطرة الفعلية غير المباشرة على لبنان، بما يحمله من تهديدٍ مباشر على سوريا في المدى الأقرب.

سياسةٌ كهذه تجهز على الاعتدال إذا ما تواصل، وتجعل المنطقة ساحة صراع بمختلف الأشكال، ولا جدال في أن المسؤول عن ذلك هي إسرائيل كأداة متقدمة لأمريكا صاحبة نظرية الاعتدال والمنقلبة عليها.

 

 

 

Loading...