لم تكن وحدة الساحات نموذجية في أدائها، نظراً لعدم تمتع قواها وهي كلها تتخذ طابع المليشيات، بالقوة العسكرية التي تعادل قوة الخصم، بحيث لم تكن القوة الإسرائيلية وحدها في الميدان، بل كانت أمامها وحولها وخلفها قوة أمريكا وحلفائها في الأطلسي، من استنفروا قواهم لدعم إسرائيل، ومشاركتها في الكثير من فعاليات الحرب.
غير أن موازين القوى التي تتحكم بالخلاصات العسكرية للحروب، ومهما بدت مائلة لمصلحة إسرائيل ومن معها، إلا أن ما ظهر في هذه الحرب هو ذلك الطوفان الشعبي الجارف الذي لم يقتصر على ساحة معينة، بل امتد ليشمل كل الساحات العربية منها والإسلامية والعالمية.
هذا رصيدٌ ثمينٌ للقضية العادلة، التي لم ولن تقضي عليها أعتى الحروب وأقوى الأسلحة والجيوش، خلاصة هذه الحرب الطويلة والمكلفة للجميع تبلورت بصورة أكثر وضوحاً من كل ما سبق، تفصح عن الحقيقة التي تحاول إسرائيل ومن معها الهروب منها، وهي أن القضية الفلسطينية هي الجذر الأعمق لكل الأجندات الكبرى في الشرق الأوسط والعالم، ولا خلاص منها إلا حين يتحقق لشعبها حريته واستقلاله، ومن لم يقتنع بهذه الخلاصة فليراجع فصول صراع يكمل القرن ويتأهب لدخول قرنٍ جديد.