جرى تركيزٌ أمريكي أوروبي إيراني على جبهة حزب الله، وخلال مدةٍ زمنيةٍ قصيرة، توصّل المتدخلون إلى وقفٍ لإطلاق النار، يواجه بعض الخروقات التي يمكن السيطرة عليها، مع فتح الباب أمام انتقال لمعالجة ملفات ما بعد وقف إطلاق النار، منها الدخول مثلاً في مسار ترسيم الحدود البرية، وانتخاب رئيسٍ للجمهورية، وتشكيل حكومة جديدة، وترتيب أوضاع الجيش الذي سيتولى ملء فراغ الجنوب بعد انسحاب الحزب منه.
الجهد سيتجه الآن سياسياً وتفاوضياً إلى إيران حول القضايا المعلقة بينها وبين أمريكا والغرب، أمّا عسكرياً فسوف يتواصل على غزة.
الرئيس بايدن الذي سمح له ترمب بتصدر مشهد وقف إطلاق النار على جبهة حزب الله، حدد أجندة غزة بإطلاق سراح المحتجزين، وإنهاء حكم حماس فيها، ضمن رؤية مشتركة بين الأمريكيين والإسرائيليين، قوامها تجريد حماس من شركائها في الحرب، ورفع وتيرة الضغط العسكري على غزة، سعياً لتحقيق ما يصفه نتنياهو "بالنصر المطلق" وخلاصته كما أعلن، استسلام حماس حتى لو تطلّب الأمر التضحية بالمحتجزين، أو من تبقى منهم على قيد الحياة أو في الثلاجات.
دون استخدام عبارات الخذلان والتخلي عن حماس، من قبل شركاء وحدة الساحات المتداعية، فإن الواقع يقول بأن حماس منذ وقف النار على جبهة حزب الله، سوف تقاتل وحدها في ظروف أصعب بكثير مما كان على مدار السنة والشهرين الماضيين، عسكرياً وتموينياً ومناخياً وخدماتياً.
الأخوة المصريون يسابقون الزمن والآلة العسكرية الإسرائيلية، لبلوغ تسويةٍ متدرجةٍ عبر هدنة محدودة وتبادل محدود كذلك، ونحن الآن أمام حالة حرجة وآخر ما قالته حماس حتى الآن، هو تمسكها بشروطها، ما يوجه رسالة للأمريكيين والإسرائيليين، بأنها غير مستعدة للدخول إلى سيناريو يفضي إلى استسلامها، بينما نتنياهو يحاول ويعمل على تعويض ما حدث على الجبهة الشمالية بإخضاع الجنوبية، وهذا ما يجعل الوضع في غزة يراوح في مكانه على المدى المنظور، إلا إذا وجدت حماس صيغة مرنة للتعامل مع ما يجري.