مقالات مختارة

«أزعر جديد» بالحيّ: من الصعب مواصلة الحرب في عهد ترامب | رفيت هيخت

 

 

 

إغلاق نتنياهو السريع لجبهة الشمال، وفرض الاتفاق مع "حزب الله" على الحكومة ومصوتي اليمين، أوجد آلية مثمرة لإنتاج أسباب مفترضة لهذه الخطوة المتسرعة، التي تخالف الرسائل العسكرية التي خرجت من رئيس الحكومة في الأشهر الأخيرة حول استمرار الحرب وقوتها ونطاقها.
الأسباب السياسية المحتملة معروفة، على رأسها أن إغلاق جبهة الشمال أمام "حزب الله" القوي والأكثر خطورة، لا تعرض الائتلاف للخطر، خلافاً للتنازل عن الفرصة العقارية في غزة في النضال ضد "حماس" الأكثر ضعفاً بكثير، وكذلك أيضاً الحاجة إلى خلق مناخ أكثر ملاءمة للدفع قدماً بتهرب الحريديين من الخدمة في الجيش. إضافة إلى ذلك تم التلميح أيضاً إلى أسباب تتعلق بالطابع الشخصي، منها قضية زيارة فرنسا على خلفية أوامر الاعتقال الصادرة عن من لاهاي.
لكن العامل الأكثر أهمية في طيف هذه التقديرات هو حجم تدخل دونالد ترامب في هذه العملية. فرغم أنه لم يتسلم بعد منصبه أصبح يظهر كمن يحرك نسيجاً إستراتيجياً جديداً في المنطقة. من غير الواضح إلى أي درجة كان مشاركاً في عملية التسوية السريعة نسبياً في لبنان، ولكن لا أحد يستبعد تأثيره. خلافاً للإحاطات التي وصلت من الحكومة الإسرائيلية، التي سعت إلى تبرير العملية غير الشعبوية في اليمين بضغط معادٍ من الإدارة الديمقراطية، الذي تمت ممارسته بكامل القوة الآن في أواخر أيام حكمها، ومن غير المستبعد التشكك في أن رغبة الرئيس المنتخب بالذات هي التي كانت أكثر تأثيراً.
إلى جانب التصريحات المؤيدة لإسرائيل، التي صدرت بالأساس كتحد للرسائل الأكثر تعقيداً والتي صدرت من الإدارة الديمقراطية، تحدث ترامب في عدة مناسبات أثناء حملته الانتخابية لصالح إنهاء الحرب، لا سيما في غزة، بصورة تتماشى مع سياسته المعلنة، أهمها رفض المشاركة في حروب الآخرين وتمويلها. هناك مجال للتخمين بأن الخطوة القادمة للرئيس الجديد هي فرض إنهاء الحرب في غزة على نتنياهو، مع أو دون هدية معينة يمكن لنتنياهو تقديمها للمستوطنين. مجرد وجود هذه الهدية، الضم في الضفة أو الإذن بالاستيطان في غزة، مرهون بالأساس برغبة ترامب ومصالحه ورغبته في تقوية نتنياهو أو الإساءة إليه.
تم انتخاب الرئيس الأميركي الجديد بسبب قدرته ووعوده الدكتاتورية، الأمر الذي يزيد احتمالية وجود حلول "ديمقراطية"، تأتي الآن بتغليف من ترامب. للمفارقة فإن اليمين في إسرائيل، الذي بارك انتخابه، سيجد نفسه يخضع لإملاءاته في الجبهات المختلفة، أو للدقة، رغبته في إنهاء الحرب في أسرع وقت ممكن. 
بالنسبة للبيبيين غير المرتبطين باليمين، مثلما باليسار، ولكنهم حتى الآن يشكلون أساس انتخاب اليمين، فإن هذه خطوة مطلوبة. ها هو أكبر الزعران، أكبر من أزعرهم، يعلن أنه قد تحقق ذلك النصر المأمول، وأنه يمكن التوقف عن الحرب الكابوسية هذه. اليمين الأيديولوجي، الذي يعتبر استمرار الحرب والاستيطان في غزة ضرورة وجودية، يمكن أن يكتشف أنه بقي وحده، وأنه لا يمكنه مواصلة إملاء ما يحدث.
يخلق الدخول القريب لترامب إلى البيت الأبيض هرمية جديدة للقوى، فيها أشخاص مثل إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش هم حلقة ضعيفة ولم يعد يحسب لهم أي حساب بشكل خاص. حتى لو كان ترامب سيفرض على إسرائيل إنهاء الحرب، أو سيطرة السلطة الفلسطينية في غزة، فإنه من المشكوك فيه أن تشكل هذه أي تهديد بحل للحكومة في ظل غياب بدائل سياسية (الأول لن يحصل في أي يوم على القوة الحكومية التي توجد له الآن، والثاني لن يتجاوز نسبة الحسم)، ما حدث هو أنه جاء أزعر جديد إلى الحي وهو أكبر من كل سابقيه.

عن "هآرتس"

 

 

Loading...