الانفجار السوري الثاني في تداعياته وأسئلته

مسلحون من فصائل المعارضة السورية يحتفلون في قلب مدينة حلب

 

 

ملاحظة: كُتب هذا المقال يوم الجمعة 6/12/2024.

 

أتى الانفجار السوري، المتمثّل بالهجوم العاصف والمفاجئ لفصائل المعارضة العسكرية السورية على المناطق التي يسيطر عليها النظام، وضمنها أخذ ثاني أكبر مدينة في البلد، كمحصّلة لتغيّر الظروف الدولية والإقليمية المؤثّرة على سوريا، وفي المقدمة منها ضعف الطرفين الأساسيين، أي إيران وروسيا، اللذان شكّلا قوة إسناد للنظام الحاكم إبان الانفجار السوري الأول (آذار 2011)...

قوة الدفع الثاني للهجوم الحاصل أتت بتوفّر إرادة دولية (أمريكية أساسا) وإقليمية وعربية باتجاه انهاء، أو تحجيم، نفوذ إيران وميلشياتها في المشرق العربي (واليمن)…

قوة الدفع الثالثة تمثلت بوجود تركيا كقوة إقليمية تصارع على حصتها ومكانتها في الشرق الأوسط، بإزاء طرفين اقليميين، هما إسرائيل وإيران، فهذه القوة تحملت موجات اللجوء السوري، واحتضنت ملايين اللاجئين السوريين، على أرضها أو على حدودها، في مخيمات بائسة داخل الأراضي السورية، وهي لديها هاجس من امكان ازدياد نفوذ قوات "قسد" الكردية في سوريا ما يشكل خطرا على أمنها القومي، وفقا لرؤيتها...

أما قوة الدفع الرابعة للانفجار فأتت من النظام نفسه، الذي ظلّ في الحكم قرابة ستة عقود (بشار الأسد له في الحكم 25 عاما)، فهو لا يبدي أي استعداد لنزع عوامل الانفجار الداخلية، أي أن الأمر لا يقتصر على اللامبالاة إزاء المبادرات الخارجية. والحقيقة فإن القطبة المخفية تتمثل في أن النظام الحاكم في سوريا يعتبر البلد بمثابة ملكية، أو مزرعة، خاصة ووراثية للعائلة، ولا يسمح البتة بالإخلال بهذا المبدأ، ما يفسّر رفضه لأي تسوية، ولأي اصلاح حقيقي في النظام السياسي، وانتهاجه الحل العسكري فقط في مواجهة شعبه أو نصف شعبه، إلى درجة تشريد ملايين السوريين داخل وخارج سوريا، وتدمير عمران مدن السوري.

ولنلاحظ أن النظام الحاكم ليس فقط رفض أي مبادرة للإصلاح السياسي، وأي مبادرة للاستجابة للمطالب الإقليمية والعربية بفك علاقته بإيران وميلشياتها، بل إنه لم يقدم أي مبادرة للسوريين المشردين الذي يعانون البؤس في مخيمات على الحدود في الشمال والشمال الغربي، بالسماح لهم بعودة آمنة إلى بيوتهم في حلب وحمص وحماه ودرعا ودمشق، وبالإفراج عن عشرات ألوف المعتقلين في سجونه، كنظام صلب يعمل ككتلة صماء مغلقة على ذاتها، بل إنه لم يقم بأي شيء لتحسين إدارته لشعبه في المناطق التي يسيطر عليها، فثمة انهيار مريع في الداخل السوري، في قيمة العملة، ومستوى المعيشة، والخدمات، والبني التحتية.

القصد أن الانفجار السوري الثاني ليس مفاجئا، إذ أتى محصلة لتوفر عدة ظروف، أما المفاجأة فتتمثل بالتمدد الكبير لفصائل المعارضة من حلب وربما إلى حماة قرب حمص، وهذا لم يحصل إبان الانفجار الأول. في مقابل ذلك ثمة مفاجأة أخرى تمثلت بانهيار قوات النظام السوري في حلب وريفها، إذ لم يحصل أي قتال، كأن ما حصل تسليم واستلام، وهذا ناتج عن ترهّل الجيش السوري، أو عدم قناعة بجدوى المواجهة، بعد ضعف روسيا، وانسحاب مقاتلي "حزب الله" من سوريا إلى لبنان، كما هو ناتج عن الحياة البائسة التي يعاني منها أفراد الجيش السوري.

ربما يمكن الحديث عن مفاجأة أخرى، أيضا، تتمثل بانضباطية الفصائل العسكرية بالقياس للفوضى التي كانت إبان الانفجار الأول بعد طغيان العسكرة على الثورة السورية، رغم وجود خروقات، وهذه الانضباطية تجلت، أيضا، بطريقة التعامل مع المدنيين ومنتسبي الجيش والشرطة، وهذا يعود إلى الاستفادة من سلبيات التجربة السابقة، كما يعود إلى سيطرة الفاعلين الدوليين والإقليميين على الفصائل العسكرية…

في الغضون لا أحد يستطيع التكهّن بالكيفية التي ستتشكّل عليها سوريا في القادم من الأيام، لأن ذلك يتوقف على الإجابة على عدة أسئلة، ومثلا، فهل ستتوقف هذه العملية الهجومية عند حدود حماة أم ستستمر إلى ما بعدها؟ وهل هذه الهجمة مجرد وسيلة للضغط على النظام لإيجاد حل سياسي أم هي أكبر وأبعد وأعمق من ذلك؟ وهل استنفذت روسيا وإيران إمكانيات الدفاع عن النظام؟

طبعا هذه الإجابة تتطلب ملاحظة حركات الفاعلين الدوليين والإقليميين، لكنها تتطلب، أيضا، ملاحظة مدى استجابة الشعب السوري، المتأثر، والغائب، الأكبر، من كل ما يجري، على ضفتي السلطة والمعارضة، مع افتقاده لإطار سياسي وطني جامع. فهل ستسنح الظروف الجديدة للسوريين بالتوافق على إطار يعبر عنهم ويمثلهم، بكل تكويناتهم، ويقود مسيرتهم نحو التغيير باتجاه نظام سياسي ديمقراطي لمواطنين أحرار ومتساوين؟

هذا هو الاستحقاق السوري الأساسي سواء في الانفجار الأول أو الثاني.

*****

 

 

ملاحظة: المادة التالية كتبت اليوم 9/12

صباح الخير يوم آخر بلا نظام الأسد

شخص طلع من السجن، شي 40 سنة، لاقى أخوه متزوج زوجته وخلفوا أولاد، لأنه أهله تبلغوا إنه مات حتى يلي بطلع من السجن يبقى أسير مأساته… لسه في سراديب أي مقابر للأحياء في سجن صيدنايا مش عارفين يوصلوا إلها…

المأساة الأكبر محاباة فلسطينيين لنظام الأسد، نظام الأبد، قال إنه نظام مقاومة ونظام علماني وهما كذبتان مثل كذبات أن شعاره وحدة وحرية واشتراكية.. يا حيف. هؤلاء عندهم ذاكرة سمكية، نسيو إنه الأسد الأب هو الذي ضيع الجولان وأنه تلاعب وبطش بالحركة الوطنية اللبنانية والفلسطينية في 1976، وأنه عمل منظمات عميلة له، وأنه أبو عمار شرع شعار استقلالية القرار الفلسطيني في مواجهة تدخلات الأسد، وأنه هو وراء حروب المخيمات في لبنان أواسط الثمانينيات، وأنه سجن كل أو معظم الفتحاويين في سوريا، والأهم أن الأسد سجن شعبه 55 سنة…

هذا نظام أضعف سورية وسجن شعبها وعاش على وضع السوريين بمواجهة بعضهم… شوفوا كيف هرب الأسد الخسيس بدون أن يترك للبلد قائمة دون أن يوجه كلمة لشعبه أو لمؤيديه أو لعصابته… يا حيف…كل محابي الأسد فلسطينيين وغير فلسطينيين لازم يراجعوا حالهم ويفحصوا ضميرهم ويعتذروا لحالهم وللسوريين

اليوم لنأمل أن تتعافى سورية من أدران الأسد ومن القيح الذي ينز من مساماتها… شعب سجن 55 سنة لنأمل أن يتعافى من سجن الكراهية والعنف والرعب والخوف من الآخر… لنأمل أن يتعافى السوريون بجسدهم وعقلهم ومشاعرهم…

 

Loading...