غير الشهداء الذين بذلوا أرواحهم عن طيب خاطر وبقرارٍ ذاتي، بعد أن اعتنقوا القضية وآمنوا بعدالتها، واختاروا التضحية بأغلى ما يملكون من أجلها، وهم فلسطينيون وعرب ومن كل الجنسيات والملل.
غير هؤلاء يوجد جيش جهنمي جرار وواسع الانتشار يستثمر في أهم قضية عرفها التاريخ ويحولها إلى مجرد يافطة تغطي الموبقات وتستر العورات.
حولوها إلى البلاغ الأول في كل انقلاباتهم، والشماعة الدائمة التي تعلق عليها كل الخيانات والتقصيرات والاستثمارات.
تجار السياسة يبررون صفقاتهم بخدمتها، والساعون لحروب فتاكة غرائزية مرتجلة، يتدثرون بها.
نوشك على إكمال قرن من الزمان وفلسطين تدفع أثمان استغلالها، دون أن يُستعاد شبرٌ من أراضيها، ودون أن يشعر أهلها باقترابٍ أكيد من يوم تحريرها.
هذا ما حدث، وما يجعلنا نصرخ من قلوبنا قبل حناجرنا.. من فضلكم حلو عن فلسطين.
توقفوا عن استخدامها يافطةً أو مشجباً أو بلاغاً أو غطاءً لحروب لا صلة لها بها.
حلو عن فلسطين، اتركوها لأهلها فهم أدرى بشعابها، يختلفون أو يتفقون يخطئون أو يصيبون فهذا أقل فداحة مما تفعلون.
حلو عن فلسطين، بعد أن احتاج أهلها في غزة كسرة خبز ولم يجدوها، وبعد أن امتلأت السجون بشبابها وشاباتها وحتى أطفالها، لقد دخلوا السجن وهم في ريعان الشباب ومن خرج منهم فقد هدّته الشيخوخة وأدخلت رطوبة السجن كل الأمراض الفتاكة إلى جسده لما تبقى له من عمر.
إن أفضل خدمة تقدمونها لفلسطين، أن تنتبهوا لشعوبكم وبلدانكم، فإن صلح حالكم في أوطانكم، يصلح حالنا معكم، وهذا أقصى ما نستطيع أن نحلم به.
الطريق إلى فلسطين واضحةٌ وضوح الشمس، إلا أن المتاجرين بها إن عرفوه فمصلحتهم أن يتجنبوه.