بعد هروب بشار الأسد، ووقوف الجيش السوري عاجزاً تماماً عن الدفاع عن النظام والدولة، ما وفّر للمعارضة بسط سيطرتها على سوريا كلها، باستثناء جيوب محددة.
كما وفّر لإسرائيل سيطرةً مطلقةً ليس على الجو فقط وإنما على كل الجغرافيا السورية، ولكن دون مقاومة ودون احتلال مباشر.
نموذجان سبقا ما حدث في سوريا..
النموذج الغزي.. حيث احتلال الأجواء بلا مقاومة، واحتلال الأرض وتدمير ما عليها، ولكن مع مقاومة شرسة ومكلفة شكا منها الاحتلال وما يزال.
النموذج اللبناني... وهو الأقرب إلى النموذج الغزّي، حيث الاحتلال ولكن الجزئي، والسيطرة الجوية والتدمير المنهجي والقتل الجماعي، مع مقاومة شرسة ومكلفة كذلك.
النموذج الغزي، لم تغلق ملفاته بعد، ولو أن السيناريو المقترح أمريكياً ومصرياً سيستغرق وقتاً طويلاً لإغلاقها، أو تجميدها ريثما يوجد حل للقضية الأم "فلسطين".
النموذج اللبناني.. أغلق على تسوية أفضت إلى سيطرة أمريكية أمنية عليا على لبنان، أضعفت المقاومة كثيراً جداً وقوّت الصيغة اللبنانية، ومكنتها من بسط وجودها من خلال الجيش.
إلا أن الأفدح هو ما حدث في سوريا، فهو سقوط الدولة كلها، بإخراج جيشها ليس من الخدمة بل من الوجود، وبسط السيطرة الإسرائيلية بلا مقاومة، ليس فقط على شريطٍ حدودي بمساحة كيلومترات قليلة، بل على سوريا كلها التي هي الآن عارية تماماً عن أي قدرات أمام إسرائيل.
أمام هذه الحالة تكرّس ضم الجولان، وكما يقول نتنياهو إلى الأبد، ليس بفعل قرار ترمب، وإنما بفعل ما آل إليه الوضع في سوريا، ما سيفتح شهية إسرائيل للحصول على تطبيع يكون الطرف السوري فيه مضطراً للقبول بكل ما ينطوي عليه من شروط مجحفة.
إلى أين ستصل الأمور؟
من المبكر قراءة الخلاصات النهائية، إلا أن ما يبدو أكيداً حتى الآن.. أن أمريكا هي صاحبة اليد العليا وكل الذين راهنوا على وراثتها تراجعوا إلى خطوط دفاعية صعبة.