سوريا، التي كانت مسرحاً لانقلابات عسكرية متتالية منذ استقلالها، شهدت استلام حافظ الأسد للسلطة في انقلاب عام 1970. أسس الأسد الأب نظاماً استبدادياً قائماً على القمع والسيطرة الأمنية، واستمر هذا النهج مع ابنه بشار الأسد الذي ورث الحكم عام 2000.
اعتمد النظام على القمع الشديد للبقاء في السلطة، ما أدى إلى عقود من الظلم والاستبداد.
في العام 2011، مع اندلاع الربيع العربي، تحولت الاحتجاجات الشعبية السلمية في سوريا إلى حربٍ أهلية دموية بسبب استجابة النظام الوحشية. ومع مرور السنوات، تسببت الحرب في مقتل مئات الآلاف وتهجير الملايين داخل وخارج البلاد، مما خلق واحدة من أكبر أزمات اللجوء في العالم.
على الرغم من أن النظام بدا صامداً لفترة طويلة بفضل دعم خارجي من حلفاء مثل روسيا وإيران، إلا أن النظام الداخلي بدأ بالتآكل. في نهاية المطاف، تخلت القوى الداعمة عن الأسد عندما أصبح عبئاً سياسياً، وانقسمت الحاشية الحاكمة مع تزايد الضغوط الاقتصادية والعزلة الدولية. وبدلاً من مقاومة انهياره، فرّ بشار الأسد كما فعل الطغاة من قبله، تاركاً البلاد في حالةٍ من الفوضى.
ما يميز سقوط النظام السوري هو أنه جاء دون معركة حاسمة. بعد سنوات من الحرب، انهار النظام سياسياً واقتصادياً وأمنياً، وأدّى إلى فراغٍ في السلطة. ساهمت المصالح الإقليمية والدولية في هذا الانهيار، حيث فضّلت القوى الكبرى التوصل إلى حلول سياسية بدلاً من الحسم العسكري.
ختاماً، يشكل سقوط نظام الأسد درساً للطغاة بأن القمع والاستبداد قد يمنحانهم السلطة لبعض الوقت، لكنه لا يضمن الاستقرار أو الشرعية. والآن، يبقى مستقبل سوريا معلقاً بقدرتها على بناء دولة جديدة تستند إلى العدالة والمواطنة بعيداً عن إرث الاستبداد.