استطلاعات الرأي المهنية وغير الموجهة، أو غير المدفوعة الأجر، تشير إلى أن وضع السلطة ليس على ما يرام، وكلمة ما يرام هي مصطلح مخفف كثيراً عن مصطلح في منتهى السوء.
الدعوات الدولية لإصلاحها يمكن التشكيك في صدقيتها وغاياتها، أمّا الدعوات الفلسطينية فهي الأصدق، كونها تنطلق من حاجات الوطن والمجتمع، إضافة إلى بديهية أن الوضع الداخلي في أي بلد وشعب، هو العامل الحاسم في صموده وتجاوزه للصعوبات التي تعترض سبيله لتحقيق أهدافه الوطنية، بأبعادها الداخلية والسياسية.
الملاحظ.. أن التغييرات التي تتم تحت عنوان الإصلاح، إمّا أن تكون استجابة لدعوات خارجية، أو أنها تتم بالقطعة، بحيث لا يُرى لها أثر في موقف الجمهور منها، سوى المزيد من اتساع الهوة بين الجمهور والسلطة، ومزيد من ارتفاع منسوب عدم الرضا عن الأداء.
السبب الجوهري في ذلك، هو الافتقار لنظام سياسي متكامل البنية والأداء، أساسه قاعدة شعبية تنتج مؤسساته وتوجهاته وقراراته، وهذا لا يمكن أن يتبلور إلا من خلال انتخابات حرة نزيهة ودورية.
سنجد من يقول، أن الظروف لا تسمح، ولكن ألم تكن الظروف تسمح بل وتلح على مدى السنوات الطويلة التي لم تجري فيها الانتخابات بفعل ذرائع وليس معوقات حقيقية؟
حين نتحدث عن الانتخابات كأساس لنظام سياسي سليم وفعّال ومقنع، فذلك لا يعني أن نجريها وحرب غزة على أشدها.
بل تكون خيارنا الأول بعد توقف الحرب، ومثلما يكون إعادة إعمار غزة هو الأولوية في اليوم التالي، فلم لا يكون إعمار السلطة بالانتخابات مترافقاً معه، وإن لم نفعل ذلك وأن نضعه على رأس الأجندة، فستظل الحالة الفلسطينية تراوح في دائرة ضيقة مسيطر عليها من الخارج، وليس من قبل أهلها والمستفيدين الأساسيين من وجودها.
أشار ما وُصف بالإعلان الدستوري إلى الانتخابات كمخرج من حالة شغور موقع الرئيس، وبعد فترة انتقالية لا تتجاوز الثلاثة أشهر.
السؤال... هل نحن كشعب ومجتمع وقضية لا نحتاج إلى الانتخابات إلا في حالة شغور موقع الرئيس؟
في الحقيقة لسنا بحاجة إلى ترقيعات بالقطعة، لنسميها إصلاحاً، فالواقع الفلسطيني بحاجة إلى إصلاح شامل أساسه الناس وليس المعادلات التي هي دائماً من صناعة الخارج.
المؤشرات الحقيقية لا تؤخذ من نصائح الخارج بل من رغبات الجمهور الفلسطيني وخصوصاً بشأن النظام السياسي والانتخابات.