يشهد نتنياهو، مؤخراً، أياما طيبة، طيبة جداً. تترتب له كل النجوم: حزب الله منهك، والأسد ضائع في موسكو، وآيات الله مفزوعون في طهران، و"حماس" تتخبط في غزة، وكل كارهينا ينظرون بخوف لبداية حكم الصديق العزيز دونالد ترامب. وسط كل هذا الخير جاءت مكالمة هاتفية "جد ودية، جد حارة وجد مهمة" من الرئيس المنتخب. "تحدثنا عن الحاجة لإنهاء نصر إسرائيل"، كما بلغنا نتنياهو، أول من أمس.
هذا هو الوقت للاستمتاع. إذ بعد قليل سيتعين على نتنياهو، كما يتعين على ترامب أيضا، ان يقرر ماذا سيفعل بكل هذا الخير. القرار الأول: صفقة مخطوفين. من السهل جداً أن ترغب في صفقة، وان تصلي لصفقة، وان تحدّ على صفقة غير موجودة من أن تدفع الأثمان التي تنطوي على الصفقة، ابتداء من "القتلة" الذين سيتحررون، عبر الحرب التي ستتوقف وانتهاء بالمخطوفين الذين سيروون عند عودتهم كيف مات أولئك الذين كان ممكناً إنقاذهم.
القرار الثاني هو إيران. التحولات في سورية، في لبنان، وفي غزة، والتوقعات من الإدارة الأميركية الجديدة خلقت فرصة لم يكن مثلها لمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية. قسم مهم من الدفاع الجوي الإيراني دُمر، ومسارات الطيران الى هناك فتحت، والاساس، التهديد الإيراني بهجوم مضاد، من لبنان، سورية، وإيران نفسها، ضعف جدا.
في العام 2011 هدد نتنياهو بمهاجمة إيران وفزع. بعد ذلك القى بالمسؤولية على قادة اذرع الأمن وعلى إدارة أوباما. الآن كل القوة في يديه: قادة اذرع الأمن ضعفوا جدا في أعقاب إخفاق 7 تشرين الأول، وتغير الخطاب بينهم وبين رئيس الوزراء. بالنسبة لواشنطن هي في فترة انتقالية؛ الإدارة الراحلة مشغولة بتصفية الأملاك، والإدارة الوافدة تبحث عن مغامرة للاحتفال بها. تصفية في عملية عسكرية للمشروع النووي ستوفر لنتنياهو النصر المطلق الذي يتمناه.
نعم، توجد فرصة. لكن هل من المجدي القفز عليها؟ ايران دولة عتبة نووية فقط لأنها تصر على أن تتوقف عند العتبة. تتحدث منشورات في العالم بان لديها مادة مخصبة لبضع قنابل. الصعوبة التي تواجهها هي في الإطلاق – في إنتاج رؤوس متفجرة تحمل القنبلة، وفي تجميع كل العناصر معاً. فهل يمكن في حملة عسكرية تصفية المشروع كله؟ ليس مؤكداً. كيف سيرد النظام؟ كيف سيرد حلفاؤه في روسيا، الصين، كوريا الشمالية؟ هل سيدعم ترامب الخطوة ام بالعكس، سيعقد صفقة مع ايران من خلف ظهر إسرائيل؟
أي زعيم يعتزم ان يأمر بحملة عسكرية محملة بالمصير يحرص قبل كل شيء على جبهة داخلية هادئة. أحيانا الحل هو حكومة واسعة: هكذا تصرف ليفي اشكول عشية حرب "الأيام الستة"، هكذا تصرف نتنياهو فور 7 تشرين الأول. أحيانا الحل هو إزالة مواضيع هي موضع خلاف عن جدول الاعمال، فهكذا تصرف نتنياهو حين أوقف قوانين روتمان – لفين اثناء الحرب.
لكن نتنياهو لا يتصرف هكذا الآن. أول من أمس اجتمع نتنياهو ورؤساء الائتلاف لبحث تنحية المستشارة القانونية للحكومة. أعلن وزير العدل بأنه سيستأنف الانقلاب النظامي بكل تشريعاته. العائق الوحيد امام انهيار النظام الديمقراطي في إسرائيل هو إصرار الحريديم على حقهم في التملص من الخدمة العسكرية. طالما لا يوجد قانون تملص لا توجد اغلبية للحملة التشريعية للفين. لفين ودرعي يعطل أحدهما الآخر: الى هذا الخير أيضا وصلنا.
إذاً، هكذا: إما ان يكون نتنياهو لا يعتزم حقا تغيير وجه الشرق الأوسط؛ ليس خامينئي هو من يهمه بل غالي بهرب ميارا. او أنه يؤمن بانه يمكنه أن يفعل هذا وذاك معا: الطيارون يقصفون في طهران حتى لو كان جهاز القضاء ينهار في القدس. سيواصل رجال الاحتياط البحث عن النخب في غزة حتى لو فوتت الحكومة مرة أخرى صفقة مخطوفين.
لا يوجد رفض للخدمة في إسرائيل – ليس في زمن الحرب. كل التهديدات بالرفض – الأخير الذي هدد هو النائب العام السابق موشيه لادور – تعود كالسهم المرتد على من يطلقها. عندما يدعو الجيش الإسرائيلي الى الخدمة فان الكل يمتثل لها، حتى تطوعاً. الطريق الوحيد لإعاقة الحملة لتقويض الديمقراطية هي طريق القاضي اسحق عميت ورفاقه في المحكمة العليا وطريق غالي بهرب ميارا وطريقها في وزارة العدل.
يواظبون على الصراع اليومي ضد كل قانون تعسفي، وضد كل خطوة نكراء: الّا يخافوا، والّا يستسلموا. ان يساهموا في الجهد الحربي وكأنه لا يوجد روتمان ولفين، وان يصارعوا ضد روتمان ولفين وكأنه لا توجد حرب.