مقالات مختارة

مزاد علني والرابح إسرائيل أليس القرن الأمريكي!! | د.نهلة الخطيب - سوريا

 

 

 

التناقضات الكبيرة بين القوى الإقليمية والدولية لا يمكن تجاوزها بسهولة في ظل تضارب الأجندات، فمن الواضح في المرحلة الحالية التقاطع في المصالح بين اللاعبين الأساسيين أكثر مما كان في السابق وتفوق خلافاتهم بكثير، التفاوض والمقايضة على ملفات ساخنة في المنطقة بداية تنسيق استراتيجي لهدنة واقتسام الكعكة، حرب غزة وأوكرانيا غيرت موازين القوى الإقليمية والعالمية وفتحت باب المقايضات بين السياسيين والاقتصاديين وبالتالي تشكيل نفوذ سياسي جديد، وطبيعي العالم بعد الحروب مختلف عما قبلها.

أمريكا لم تدخل الحرب بشكل مباشر مع روسيا بعد هزيمتها في العراق وأفغانستان وإنما مارست نظام الحرب بالوكالة حتى لا تستنزف جيشها واقتصادها وبنفس الوقت سيرتد عليها بالمنفعة من إبرام صفقات الأسلحة لتزويد الحرب، بوتين لا ولن يقبل الهزيمة في أوكرانيا مهما كلف الأمر وهو يخوض حرباً مصيرية جيوسياسية لن تتوقف حتى تتحقق أهدافها ليس فقط في أوكرانيا بل في مواجهة أحادية القطب الأمريكية وخلق دور لروسيا في عالم متعدد الأقطاب، وبرغم التفوق العسكري الروسي جواً وبحراً، وضم مقاطعات أوكرانية لتصبح جزء من روسيا، لم تتمكن من حسم الحرب، ودخلت حرب استنزاف جعلت روسيا التي جاءت لحماية النظام في سوريا لا الدولة غير قادرة على مساعدة الأسد، لم يسقط النظام لولا المقايضة سوريا بأوكرانيا، فباعت في سوريا لتشتري في أوكرانيا مع مراعاة أطماع إسرائيل بالتوسع في سوريا بصفقة الأشقاء بين ترامب وبوتين، وفي الظل هناك أرتال روسية في سوريا تزحف باتجاه ليبيا لإيجاد موطئ قدم لها قبل إرغامها على ذلك، فأردوغان هو الملك وهذا زمن احناء القيصر أمام السلطان.

مشاريع كبيرة تتربص بنا وهل الصراع انتهى بالقضاء على محور المقاومة!!، أبداً، مازال الصراع على سورية بين القوى الاقليمية والدولية، وما يتربص لها التقسيم والطائفية والفيدرالية والانتداب الاقتصادي والسياسي، وحتى الاحتلال المباشر، وما حدث في سوريا ما كان ليتم دون الدعم الكبير التركي للفصائل المسلحة، والمشروع التركي بإقامة تركيا العظمى بالسيطرة على شمال سوريا وضمها لتركيا بدعوى التصدي للأكراد، لابد أن يصطدم برغم التماهي ضد نظام الأسد بمشروع نتنياهو بإقامة إسرائيل الكبرى باحتلال الجنوب "السويداء ودرعا والقنيطرة"، ومضاعفة سكان مرتفعات الجولان المحتل، سيتصارعون على النفوذ وتصطدم المشاريع فأمريكا وإسرائيل تسعى لإقامة دولة كردية في شمال شرق سوريا تمهيداً لإنشاء ممر داوود وهو الخط الواصل بين إسرائيل والفرات خطوة نحو إسرائيل الكبرى.

في لعبة الأمم لا يكون الكبار من الخاسرين وإنما الخاسر هي الدول الضعيفة التي تمارس حروب الوكالة "تقسيم وتشرد وفقر"، روسيا لا مستقبل لها في سوريا كما إيران، هذا الأمر يدفع الدول الغربية لأن تكون أكثر فاعلية في سوريا فالوليمة كبيرة وما يطبخ لسوريا كبير، مع انهيار النظام السريع جعل الكثير من الدول تتجه مسرعة في تشكيل استراتيجية متكاملة لمواجهة الأحداث، ولا يغرنكم الانفتاح الدولي فهو استكشافي غالباً من باب التعامل مع أمر واقع ريثما يتم بلورة رؤية معينة، رفع العقوبات وحماية الأقليات وإزالة تحرير الشام قوائم الإرهاب.

أمريكا تريد أن تكون خطواتها لها مقابل وهي تنتظر ما ستقدمه القيادة الجديدة في سوريا، ربما لا تكون أوروبا متعجلة بشأنها وخاصة فيما يتعلق بإسرائيل، ترامب أراد انهاء كل الملفات قبل توليه السلطة إلا الملف السوري يريد أن يضع محدداته بنفسه، فالأمر فيه الكثير من المرونة والتشعبات التي تفجرت بسرعة، اعتراف ترامب أن تركيا تملك أوراق اللعبة في سوريا، وعليه أن يتفاهم معها بشأن ما سوف يحدث، يثير تساؤلات ماذا بعد، وكيف ستتعامل معها، ماذا ستقدم لأردوغان، وهل يعمل أردوغان لحسابه الخاص أم لحساب أمريكا وإسرائيل؟؟ غالباً سيبيع الأكراد في شمال سوريا بصفقة مقايضة ومزاد علني ليشتري لإسرائيل في جنوبها بعد الاعلان السوري بوقف الصراع مع إسرائيل.

رقعة شطرنج جديدة وإدارة ترامب تعيد ترتيب حجارتها، ماهي الحجارة التي ستسقط وماهي الحجارة التي ستبقى على رقعة الشطرنج، مسلسل الزلزال وما حدث من كوارث حتى الآن مدخل إلى مشهدية جديدة في منطقة الشرق الأوسط، التغيير الاستراتيجي لا يقتصر على غزة ولبنان وسوريا واحتواء الدول الأخرى تحصيل حاصل، لابد من احتواء إيران، لا دولة خارجة على القانون، "القانون الأمريكي" في المنطقة، أليس القرن الأمريكي!!، لكنه الشرق الأوسط الذي شهد غروب العديد من الامبراطوريات، "فالتاريخ هنا ولد وهنا يموت"، فما مصير إسرائيل  في حال غربت أمريكا بفعل تقلبات الأسواق وتقلبات الزمن؟؟!!.

 

Loading...