حُسن نوايا جوزيب بوريل لا تكفي

هنالك اعتقاد أن إسرائيل ستستخدم مبادرة جوزيب بوريل لإنجاز ما لم تنجزه الحرب، رغم أن المبادرة ولدت ميتة حيث أن أي مبادرة لا تطالب بإنهاء الاحتلال أولاً وتحوي بين بنودها ما يشير تلميحاً أو تصريحاً إلى وضع الشرعية الدولية على طاولة المفاوضات فإنها أي المبادرة تحمل إما بذور وفاتها وإما تكريس هيمنة الأقوياء وبالتالي استمرار الظلم الواقع على الطرف الضعيف.

  يعتزم مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، تقديم خطة سلام جديدة قديمة، فالجديد فيها هو إلزام العالمين العربي والإسلامي بالتطبيع مع إسرائيل على الرغم من أن الخطة لا تعالج مشكلة الشرق الأوسط برمتها، صحيح أن السبب الرئيسي للصراع هو القضية الفلسطينية إلا أن هناك قضايا عربية لم تتناولها مبادرة السيد بوريل فالجولان محتل وجزء من جنوب لبنان محتل وهناك جزء من قطاع غزة تعتبره إسرائيل ضمن حدودها ويقدر بـ 200 كم مربع فكيف يمكن إنهاء الصراع دون إيجاد حل لكل ما ورد وعلى أرضية الشرعية الدولية.

فرغم أهمية وتأثير المدعوين للمشاركة في المؤتمر التحضيري إلا أن اعتماد ما سينتج عن هذا المؤتمر كورقة للتفاوض فإن فرص الفشل أكثر بكثير من فرص النجاح خاصة وأن النظام السياسي في إسرائيل والمحمي من الولايات المتحدة يرفض علناً إقامة دولة فلسطينية ثم أنه يعتبر الجولان السوري غير خاضع للنقاش وبالتالي كيف يمكن أن يتم التطبيع بين سوريا ولبنان (اللتان لهما أراض محتلة غير الأراضي الفلسطينية) وإسرائيل دون إيجاد طريقة لاسترجاع الجولان والأراضي اللبنانية المحتلة.

كيف يمكن أن يتم التفاوض في الوقت الذي تسعى فيه أمريكا لزيادة عدد الدول التي تعترف بالقدس عاصمة موحدة لإسرائيل. واصرار إسرائيل المعلن على ضم منطقة الاغوار مما سيمنع أي سيادة فلسطينية على حدود الدولة العتيدة الشقية.

كيف يمكن لوثيقة بوريل النجاح وهي تتجاهل موضوعات هامة ومحورية في أي اتفاق كقضية المستوطنات وقضية اللاجئين وحق العودة.

كيف يمكن لمبادرة السيد بوريل أن تنجح دون الإشارة حتى إلى ضرورة اعتراف إسرائيل بالمسؤولية المادية والأخلاقية عن نكبة الشعب الفلسطيني.

كيف يمكن لمبادرة بوريل أن تنجح وهي تضع الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني والسلطة الوطنية كممثلين للضفة الغربية وغزة دون ادراج القدس التي تتعامل معها الأمم المتحدة وحسب القانون الدولي كأرض محتلة وعاصمة للدولة الفلسطينية.

كيف يمكن لمبادرة السيد بوريل أن تنجح وهي لم تأتي على ذكر حدود الرابع من حزيران كأساس للحل.

في العقد الأول من القرن الحالي طرحت مبادرات أهم وأشمل وأكثر إنصافاً مثل مبادرة السلام العربية وخطة خارطة الطريق ولم تنجح لسبب بسيط هو أن إسرائيل تتعامل على اعتبار أنها فوق القانون الدولي.

وهنا لا بد من تذكير السيد بوريل أن إسرائيل التي تدرب في كيبوتساتها، نشأت بقرارٍ دولي وحتى هذا القرار لم تطبق منه سوى إقامة دولة إسرائيل وعلى مساحة تزيد عما خصص لها بـ 22000 كم مربع. واضح أن السيد بوريل يعتقد أن الاشتراكية المزيفة والمتمثلة في حزب العمل لا زالت تحكم إسرائيل. لقد كنت مخدوعاً بهم سيد بوريل فالاشتراكي الحقيقي لا يتعدى على الغير ومع ذلك اطمئنك أنهم اندثروا وحل مكانهم يمين فاشي عنصري يعتقد أن اليهود أسياد لكل الأغيار بما فيهم حضرتك.

إن من يقود إسرائيل اليوم يرى غير ما ترى والخرائط التي عرضها نتنياهو في الأمم المتحدة وسموترتش في باريس تنسف خطتك من أساسها.

ولكيلا تُستخدم مبادرة السيد بريل لإضاعة مزيد من الوقت يُمكّن إسرائيل من الاستيلاء على المزيد من أراضي الدولة الفلسطينية فإن بإمكانه كخطوة أولى لمبادرة جادة، المطالبة بإنهاء الاحتلال الذي حصل عام 67 ضمن سقف زمني لا يتعدى العام وبعدها يمكن طرح القضايا العالقة على طاولة مفاوضات تتعامل أطرافها بندية كاملة.

 

Loading...