أقوال كثيرة نقلها التاريخ عن رجال عظام، أي عظماء مروا عبر التاريخ، تحدثت وحدّدت مواصفات نوعين من الناس: الأوّل قضى ومضى وهو يحاول التكويع قبل اللحظة الحاسمة ولم يحالفه الحظ بالتكويع فمضى على الكوع!! أمّا النوع الثاني من يُعرفون بـ"وطنيّي الربع الساعة الأخيرة"، ينتظرون الطرف المنتصر ليعلنوا عن تكويعتهم والتي تخالف تمامًا تاريخهم وحتى حاضرهم ما قبل تلك اللّحظة.
وكم شاهدنا رموزًا وشخصيات سياسية وكيف كوّعت بعد انتهاء الأحداث في غزة وبعد وقف إطلاق النار في لبنان، بل و"الأفضح" من فضيحة بعد هروب الأسد من سوريا!
من عادتي ألا أخوض في ذكر الأسماء، وليس ذلك خوفًا من أية تداعيات، بل لقناعتي بأن الموقف السياسي يجب أن يُعلن دون انتظار للظروف. موقفي الشخصي والتاريخي واضح تجاه نظام الأسد الأب والابن، البعيدين عن الرّوح القدس، وكذلك تجاه حزب الله ودوره الداخلي والإقليمي. لذلك، أرى أن من غيّر مواقفه كان وفيًّا لصفاته الأصلية، مثل الانتهازية والوصولية وعبادة السلطة. أما محاولاتهم لشلح ثوب ولباس ثوب جديد، يدفعني لوصفهم وبدقة من خلال سرد رواية يصح اعتمادها في لبنان وسوريا وفي أي مكان من العالم تنتشر فيه نماذج عبيد السلطة:
يُحكى أنّ قرية في وسط سوريا كان أهلها يعانون من تعسف "الكاهن الخوري" الذي كان في تلك الحقبة بمثابة سلطة دينيّة ومدنيّة كاملة عليهم. وبعد محاولات كثيرة لم تُجدِ نفعا في مواجهة تعسُّف ذاك الكاهن، تداول أهل القرية سرًّا ووجدوا الحل بالذهاب إلى مدينة حماة و إشهار إسلامهم أمام المفتي، ليصبحوا خارج نطاق ذلك "الخوري الحاكم". ذهب الأهالي معا، ونفذوا ما اتفقوا عليه، ثم عادوا إلى قريتهم فرحين مبتهجين. ولكن عندما وصلوا إلى مشارف القرية فوجئوا بالخوري يصعد إلى سطح الكنيسة ويرفع أذان المغرب!!
لن أترك القصة دون تعليق، لأن العبرة فيها ليست في تحوِّل أهل القرية إلى الإسلام، بل في دور الخوري الذي دفعهم إلى الخروج عن دينهم. والمكوِّعون اليوم يشبهون ذلك "الخوري" الذي كان سببًا في إبعاد الناس عن دينهم. أما التكويع، فهو أحيانًا يشبه الندم، ولكنه غالبًا ما يأتي متأخرًا حيث لا ينفع.