في كل مناسبة يقف فيها بنيامين نتنياهو أمام الكاميرا، وحتى وهو يدافع عن نفسه أمام المحكمة من التهم المشينة التي يواجه، يتحدث عن إنجازاته في تغيير الخرائط والمصائر على مستوى الشرق الأوسط، وأحياناً على مستوى العالم.
يعتمد نتنياهو في هذا التباهي المفرط على الطيران الإسرائيلي، الذي يصل ويقصف أي مكان حتى لو كان على بعد آلاف الأميال، إضافة إلى اعتماده المطلق على الإدارات الأمريكية التي توفر كل ما يحتاج لمواصلة حروبه على كل الجبهات، التي إن سكتت واحدة أو اثنتان منها فباقي الجبهات ما تزال تعمل أو تهدد.
الجدل الدائر في إسرائيل الآن يدور حول الهدف القادم.. اليمن أم إيران؟ أم الاثنين معاً؟ أمّا الحرب على جبهة غزة، فهي مستمرة إلى أجل غير مسمى، سواء تمت صفقة وقف إطلاق النار والتبادل أو لم تتم.
يعرف نتنياهو ومن معه من القادة العسكريين والأمنيين والسياسيين أن قدرات إسرائيل الذاتية أعجز من أن تحقق الأهداف الكبرى التي يتهدد ويتوعد بها، حتى الاسناد الأمريكي بصورته الحالية لا يكفي، إذاً ماذا يريد بالضبط؟
إنه وجيشه وطيرانه يغرقون المنطقة بالنار، ويتوعدون اليمن بتدميرٍ مماثلٍ لما يحدث في غزة، وما حدث في جنوب لبنان وبعض المناطق السورية، وذلك في الطريق إلى ما يسوّق له كهدف نهائي... إيران.
غير أن رهانه في هذه المرحلة، كما كان في مراحل سابقة، يتركز ليس على الإسناد الأمريكي بصورته التي شوهدت على مدى الخمسة عشر شهراً الماضية، بل على توريط أمريكا والناتو في مشاركة كاملة ومباشرة في الحرب.
أولاً على اليمن كذراع يغلق باب المندب، وإيران كتحدٍ استراتيجي ووجودي وفق أدبيات نتنياهو، وهي على عتبة إنتاج القنبلة الذرية.
المشاركة الأمريكية وفق سياسة التوريط في إيران وبصورة أوسع مما هي عليه في اليمن، يراها نتنياهو قابلةً للتحقق حين يعتلي دونالد ترمب عرش البيت الأبيض، لذا سيواصل الحرب حيث ما استطاع، على كل الجبهات وستكون أداته الوحيدة فيها سلاح الطيران ومعروفٌ أن الطيران يدمر ولا يغير.
وما دام معزولاً على خلاصات سياسية حاسمة، فهو لا ينتج غير النار والدمار.