رغم أن اليوم هو ذكرى ميلاد الثائر الإنساني والفلسطيني على القهر عيسى ابن مريم الذي أنزله رفاقه عن الصليب وما زال شعبه يسير في درب الآلام الذي سار فيه، ومعلقاً على صليب المعاناة نفسه، ومن أصحابه ذاتهم، وهو يوم يعطينا الأمل بأن شعبنا سينزل عن صليب المعاناة وينتصر حينها الحق لنا.
إلا أني اليوم أشعر بحيرةٍ في نفسي بين الإيمان بجمال ومعنى كلماته عن العدالة المحبة والسلام والحق عندما قال اعرفوا الحق والحق سيجعلكم أحرار، وكلمات الشاعر الثائر ناظم حكمت وبين الواقع الذي نعيشه هذه الأيام وفي هذه الذكرى، حين قال "إن أجمل الأيام هي تلك التي لم تأتِ بعد". أحياناً أجد نفسي مؤمناً بذلك، وأحياناً أخرى صار يبدو لي أن الأمل بالأيام الأجمل يبتعد مع كل ما نشهده من دمار ومعاناة وتدمير وإبادة.
لقد فقدنا اليوم إلى حدٍ كبير في حياتنا الكثير من معاني الجمال، بل إن الجمال قد قارب أن يُقتل فينا، ليس فقط بسبب ما نواجه من وحشية وعدوان، ولكن أيضاً بسبب ما نصنعه نحن لأنفسنا وبأيدينا من أفعال تُفقدنا جمالية إنسانيتنا بمعاني التفاؤل في وحدتنا بوطن واحد لا نملك سواه إذا أردنا أن لا يُسرق الوطن منا ويبقى لنا، فتبتعد عنا تلك الأيام الأجمل.
ربما أصبحت الحكمة تكمن اليوم برأيي في أن الجمال ليس حكراً على الأيام التي لم تأت بعد، في قول ناظم حكمت عنها، بل هو في قدرتنا نحن على خلق معنى لها حتى ونحن نعيشها اليوم لأنها ربما لن تأتي إذا لم نُدرك ما نريد منها ومَن نحن فيها وفي ما نصنعه لأنفسنا حتى نبقى متفائلين لنرى الجمال وتلك الأيام الآتية علينا، رغم كل ما يحيط بنا من ظُلم وظَلام ومحاولات استهدافنا بحسم المعارك الجارية مبكراً كما يريدون.