إسرائيل وأثمان السباحة في بحر الأزمات

آثار القصف الإسرائيلي على المنشآت النفطية في اليمن

 

 

 

في مرافعاته المطوّلة دفاعاً عن نفسه حيال تُهم الفساد المنسوبة إليه والمثبتة عليه.

ولتبرير عجزه عن تخليص المحتجزين في غزة بالقوة.

وبفعل شكوى الجمهور الإسرائيلي من الهرولة إلى الملاجئ، بفعل صفارات الإنذار التي لم تتوقف يوماً واحداً منذ بداية الحرب.

بفعل ذلك كله اخترع نتنياهو أدبيات خاصة به لتغطية ولتبرير مواصلة الحرب، منها النصر المطلق، قيامة إسرائيل، تغيير الشرق الأوسط، وتدمير خصوم إسرائيل أينما وجدوا.

لا ننكر ولا نقلل من أذى الأعمال العسكرية الإسرائيلية في الاحتلال والقتل والتدمير، الذي أسفرت عنه حرب نتنياهو في غزة ولبنان وسوريا واليمن، إلا أن للحقيقة وجهاً آخر، يتعين على الذين يتبنون مصطلح أن المنطقة دخلت في العصر الإسرائيلي، وأن الشرق الأوسط أرضاً وشعوباً ودولاً وقع في القبضة الإسرائيلية، بحيث ما يأمر به نتنياهو لا بد وأن يطاع.

الوجه الآخر للحقيقة هو أن باستطاعة إسرائيل، التي أفرغت مستودعات السلاح والذخيرة الأمريكية، في أطول حربٍ خاضتها منذ تأسيسها، واختبأت وراء عددٍ من "الفيتوهات" الأمريكية في مجلس الأمن، ووقف قادتها وما يزالون أمام المحاكم الدولية بتهمة مجرمي حرب، وتوقف الإنتاج فيها حد إفلاس العديد من المنشآت الكبرى أو هجرتها إلى الخارج، ولم تتوقف الجنازات على مدى خمسة عشر شهراً قابلة للزيادة، ذلك إضافة إلى ما يجري بحثه الآن على مستوى صنّاع القرار في إسرائيل، من حتمية الذهاب بقوات بحرية وبرية إلى اليمن، والإعداد لحرب أوسع نطاقاً على إيران، ذلك كله دون أن تحسم أمور النصر المطلق لا في غزة ولا في لبنان ولا في أي مكان آخر.

نعود لنكرر خشية إساءة الفهم، أن خسائرنا كعرب باهظة جدا في الأرواح والممتلكات والأراضي، وإذا ما وضعنا سوريا على قائمة الخسائر وهي الأكبر والأفدح، فإن ما تورطت فيه إسرائيل وتوغلت، ليس نوعاً من السباحة في بحرٍ هادئ، بل هو سباحة في بحرٍ يزداد عداء لها بعد أن كادت تحظى بمكانة الدولة العادية الآمنة المطمئنة في الشرق الأوسط.

إنها الآن في حالة عداء واعتداء على مئات ملايين البشر الذين أثخنت أجسادهم بالجراح، ومُلأت أرضهم بالقبور وحوّلت بلدانهم إلى ركام، وفرضت على أجيال منهم أن يعيشوا أيتاماً وأرامل ومعاقين.

لقد اختارت إسرائيل وباعتمادها المطلق على أمريكا لتحقيق مستحيل نصرها المطلق... اختارت الحرب على شعوب منطقة هي الأخطر من كل مناطق العالم، وإذا ما دققنا في أجندتها المستقبلية التي تتدحرج ككرة النار على جبهات عدة، فإن خسائرها المعنوية والمادية والسياسية والبشرية والنفسية، في تصاعدٍ مستمر، أمّا نصرها المطلق الذي يتخذه نتنياهو كخندق يختبئ وراءه في صراعه المرير من أجل احتفاظه بالسلطة فهو مجرد سراب، وهذا ما لا نقوله نحن فلسطينيين وعرب، ومعظم شعوب المنطقة والعالم، بل يقوله معظم صنّاع الرأي والسياسة في إسرائيل، إن ما تفعله الآن وما تنوي فعله هو نوع من جنون القوة المدمر، ليس لخصومها بل لذاتها كذلك، ويشجعها جنون انتظار ساكن البيت الأبيض المتجدد دونالد ترمب، لتضيف جنوناً إلى جنون.

 

 

 

Loading...