مقالات مختارة

الحبّ الأعمى لجيش "نصف الشعب" الإسرائيلي

 

بقلم: جدعون ليفي


الإسرائيليون يحبون جيشهم، بدون قيود وشروط، أي حبا أعمى. اليسار الصهيوني يحب الجيش الإسرائيلي أكثر من اليمين. كما يبدو كان يمكن توقع موجة غامرة من المقت والغضب والرغبة في معاقبة الجيش الذي تخلى عنا في 7 تشرين الأول. حياة عشرات آلاف الإسرائيليين والفلسطينيين كان سيتم إنقاذها لو كان هناك جيش في 7 تشرين الأول. عندها لما كان هناك قتلى ومخطوفون أو حرب.
كما يبدو كان يمكن أيضا توقع أن اليمين، الذي يخدم الجيش أهدافه أكثر بكثير مما يخدم أهداف اليسار – احتلال وتدمير الشعب الفلسطيني – سيحب الجيش اكثر من اليسار. لكن هذا لا يحدث. اليسار دائما مع الجيش، واليمين أيضا ولكن بدرجة أقل. لم يتغير أي شيء بالنسبة لنظرة التقديس بعد 7 تشرين الأول.
هذه أيام حرب وفيها يسهل فهم حب الشعب لجنوده. هذا هو زمن إرسال الطرود للجنود والتسهيلات وقصص البطولة والحداد. لا يوجد شيء اكثر إنسانية من ذلك. الآن، في الوقت نفسه، يمكن التساؤل كيف بعد الهزيمة الشديدة في 7 تشرين الأول، الثقة والتقدير، ولا نقول عبادة الجيش، بقيت على حالها بعد أن تحمل قادته المسؤولية والإعجاب الذي كان عشية الحرب استمر وكأنه لم يحدث أي شيء.
واضح أن المستوى السياسي، برئاسة بنيامين نتنياهو، هو المتهم الأساسي، لكن الجيش هو الذي انكشف بكامل عورته، مع ذلك، عار 7 تشرين الأول لم يلتصق به. بعد كل الميزانيات الضخمة والموارد التي يحصل عليها والتقدير والأهمية إلا أنه لم تكن هناك أي معلومات استخبارية قبل 7 تشرين الأول ولم يكن هناك جيش في يوم المذبحة. الجيش الإسرائيلي تبخر وتلاشى واختفى وإسرائيل غفرت. قادة الجيش والقادة السابقون هم أبطال الساعة.
لماذا نحن متسامحون معه بهذا القدر. تاريخ إسرائيل مرصوف بالطبع بالعسكرة. بعد حرب يوم الغفران انتهى عهد عبادة الشخصية لقادة الجيش، لكن لم ينته حب الجيش. فهو يتم عرضه كجيش الشعب، لكنه لم يكن هكذا في أي يوم. الجيش الإسرائيلي هو جيش نصف الشعب في افضل الحالات. فقط بعد خصم العرب والحريديين والمرضى ورافضي الخدمة والمتهربين من الخدمة يمكن تسميته جيش الشعب.
هو يمثل عددا من المرضى المزمنين في إسرائيل وهو أيضا المسؤول عنهم بدرجة غير قليلة. مع ذلك، هم يسجدون له. وإذا كان يوجد لإسرائيل اسم سيئ، ويوجد لها، فإن ذلك بسبب الجيش. وإذا أصبحت إسرائيل دولة منبوذة فهذا بسببه بدرجة كبيرة. هو يقوم بالتشهير بها كما يفعل الآن بواسطة القتل والتدمير بدون تمييز الذي يزرعه في غزة، ونحن نغفر. وكجيش جوهره الأساسي يتمثل بالاحتلال فإنه يعرض الجانب المظلم لإسرائيل. فهو يتنمر ويهين ويقتل بشكل عشوائي، ما زال جيش الدفاع الإسرائيلي والقيم هي مترادفة في إسرائيل. لم يعد لدينا ما هو اكثر قيمية من جيش الدفاع الإسرائيلي.
حتى الإخفاقات الصارخة جدا لم تحطم صورته. وسائل الإعلام تتمرغ تحت أقدامه، مثلما لا تستخذي أمام أي جهة أخرى. لا يوجد أي مجموعة مراسلين بعيدة جدا عن أي قيمة لوسائل الإعلام مثل مجموعة المراسلين العسكريين. لا يوجد وسائل إعلام مستخذية جدا مثل التي يظهرها معظمهم. كل جندي هو بطل، كل قائد مثير للإعجاب. في أيام الحرب هذه الصفات يتم تضخيمها بشكل طبيعي، الجيش يحارب للدفاع عنا وجنوده يضحون بحياتهم بشجاعة من اجل حماية الدولة. ولكن أحيانا الجيش أيضا يعرض الأمن للخطر، كما يفعل الآن في الضفة الغربية. فهناك هو يقوم بإشعال الانتفاضة القادمة. أيضا أعضاء جهاز الصحة الذين يحافظون على سلامتنا بإخلاص لانهائي (في الواقع دون تعريض حياتهم للخطر) لا يتم تقديرهم كما يجب.
لقد حان الوقت كي نسأل: ما هذا الجيش الذي نحبه كثيرا؟ الجنود الذين رأيتهم في الأسبوع الماضي وهم ينكلون بالسائقين على الحواجز؟ الوحدات التي اختفت في 7 تشرين الأول؟ هذا هو الوقت الذي يجب علينا فيه التعامل مع الجيش كتنظيم ورط إسرائيل في الحرب الأكثر فظاعة في تاريخها، ويجب ألا ننسى له ذلك.

 

عن هآرتس

 

 

Loading...