في معالجات مسار للوقائع المتصلة بالصفقة، التي جرت جهودٌ حثيثةٌ لإبرامها بين إسرائيل وحماس، تعرضت مسار لانتقادات وصلت حد الاتهام بالتشاؤم في جو كان مفعماً بالتفاؤل.
والآن.. أين وصلت الأمور بالضبط؟
الاشقاء المصريون والقطريون، تراجعت توقعاتهم من خط الاقتراب من إبرام الصفقة، إلى ما دون ذلك بكثير، أي منع المحادثات بشأنها من الانهيار وعدم أو حتى تأجيل ارتطامها بالجدار.
لماذا انتقل القوم من التفاؤل إلى التشاؤم؟ هنا ينبغي التدقيق في مواقف طرفي التفاوض الرئيسيين، حماس وإسرائيل.
حماس.. انضمت إلى المتفائلين لشعورها بحاجة أهل غزة إلى هذا التفاؤل، لعلهم يودعون الموت والدمار ولو لعدة أسابيع، كذلك لم ترغب في الظهور بمظهر من يفسد احتمالات التوصل إلى صفقة، وهذا اتهام أمريكي إسرائيلي دائم لحماس في كل مراحل التفاوض حولها، والفشل في إبرامها، إضافة إلى أن حماس معنية بصورة اللاهزيمة أمام ما يجري على الميدان من أعمال عسكرية إسرائيلية تتسم بالشراسة المفرطة وما حدث في جباليا ومستشفى كمال عدوان مجرد عناوين وليس كل شيء.
لهذا تحدثت حماس وأحيانا بمبالغة ظاهرة بلغة التفاؤل، وربما ما تزال إلى حد ما رغم يقينها بأن إسرائيل في غير وارد القبول بطلباتها مع أنها تراوغ فيها.
إسرائيل كذلك يلائمها الحديث المتفائل عن احتمالات إبرام الصفقة، لتهدئة ذوي المحتجزين في غزة، ولحاجة نتنياهو إلى حملة علاقات عامة يرضي بها الوسطاء وخاصة الأمريكيين، ويعزز الاتهام الذي يوجهه لحماس بأنها هي المعوّق وليس هو، دون إغفال سبب آخر وهو تمضية الوقت الفاصل بين رحيل بايدن الرسمي وتتويج ترمب، مع أن الرحيل والتتويج لا يؤثران جوهرياً على سياسة نتنياهو القائمة على أساس استمرار الحرب على غزة، مع استمرار الخرق على الجبهة الشمالية، مع الاستعداد لتوسيع الحرب على اليمن ثم إيران.
هذه هي الحقيقة الكامنة وراء مواقف المتفاوضين، وذلك كله يعني أن التفاؤل الذي سبق كان حملاً كاذباً.