روابط القرى في الضفة وغزة إلى الواجهة من جديد

بطاقة معايدة من مناحيم ميلسون 1978

 

 

 

أدت عمليات الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس، وكذلك كم الأفواه في الداخل المحتل؛ أدت بمجملها إلى استشهاد وجرح وتغييب عشرات الآلاف من الفلسطينيين منذ بداية تشرين أول أكتوبر من عام 2023 وتبعاً لذلك فإن كافة أطياف الشعب الفلسطيني وفصائله والسلطة مستهدفون، والخطاب الإسرائيلي وخاصة من قبل أركان حكومة نتنياهو الفاشية يدور حول أهمية أن تكون اليد والكلمة العليا في الضفة والقطاع بعد وقف العدوان لإسرائيل وتوجهاتها. ولهذا قد تعيد إسرائيل إحياء فكرة روابط القرى في الضفة الغربية وقطاع حتى لتتخلص من الاحتكاك المباشر مع الفلسطينيين من جهة وتقلل من تكاليف احتلالها من جهة أخرى.

التشكل المشبوه

روابط القُرى هي تشكيلاتٌ إدارية أَنشأتها إسرائيل في عام 1978؛ تدّعي أنها تهدف إلى التنمية وتقديم الخدمات والنُهوض بحياة المُواطنين الفلسطينيين. حاولت سُلطات الاحتلال خلق قيادة فلسطينية بديلة عن منظمة التحرير الفلسطينية لكي تكون مستعدة لتأييد اتفاقات كامب ديفيد وقادرة على المشاركة في مفاوضات الحكم الذاتي وتنفيذ خُطة الإدارة المدنية الإسرائيلية.

استطاعت منظمة التحرير الفلسطينية أن تبني علاقات متشعبة مع دول العالم وتصبح فاعلة على المسرح الدولي؛ توج ذلك بخطاب الراحل الحاضر ياسر عرفات أبو عمار على منصة الجمعية العامة للأمم المتحدة في تشرين ثاني / نوفمبر 1974. ولهذا بدأت السُلطات الإسرائيلية تفكر جديًا في البحث عن قيادة بديلة لمنظمة التحرير الفلسطينية في الضفة الغربية، حيث طرحت لأول مرة في 1976 فكرة إنشاء الروابط القروية أثناء مأدبة عشاء أُقيمت في منزل الشيخ محمد علي الجعبري في الخليل. وقد طرحها الميجر جنرال إيغال كرمون (الحاكم العسكري لمدينة الخليل خلال الفترة (1974–1976) فالتقط ها مناحيم ميلسون مستشار الشؤون العربية في الحكم العسكري الإسرائيلي للضفة وبدأ يدرسها إلى أن شرع بتنفيذها فعليا بعد التوقيع على اتفاقات كامب ديفيد مع مصر عام 1978.

الدور المناط

كان مصطفى دودين الوزير السابق في الحكومة الأردنية قد عاد عام 1975 إلى بلدته دورا/الخليل في إطار لم شمل العائلات ونظرًا لوجهات نظره المتقاربة مع إيغال كرمون ومناحيم ميلسون، عرض نفسه عليهم لتنفيذ مُخطط روابط القرى عمليا. أسفرت اتصالات ميلسون وكرمون وبيريس بمصطفى دودين عن الإعلان رسميًا عن قيام رابطة قرى محافظة الخليل برئاسة مصطفى دودين في 20 تموز/ يوليو 1978. وقد حضر نظام الرابطة الأساسي غاياتها المعلنة في حل المنازعات والخلافات بين السكان وتشجيع تنظيم الجمعيات التعاونية لمساعدة المزارعين لتحسين أوضاعهم الاقتصادية وتطوير أساليب الزراعة وتحديثها وغير ذلك. في حين سعت روابط القرى المتعلّقة إلى الضغط على المقدسيين للقبول بالتقسيم، وذلك من خلال توجيه تهديداتٍ مباشرةٍ بالتصفيّة الجسديّة لشخصياتٍ تعمل في الأوقاف مثل الشيخ حسن طهبوب مدير الأوقاف العام، والأستاذ حسني الأشهب وغيرهم، فضلاً عن الافتراء والتشهير بالشخصيّات الوطنيّة وتوجيه اتهاماتٍ لها بقضايا اختلاسٍ وتزوير عبر صحيفة المرآة؛ إضافة إلى ابتزاز الفلسطينيين مالياً أو عبر الاستيلاء على أوراقهم الرسميّة ومساومتهم عليها مقابل العمل معهم،وقد تنوّعت الممارسات القمعيّة واعتداءات ميليشيات الروابط على أهالي القرى والمؤسّسات الوطنية ما بين الضرب بالهراوات واعتراض المركبات وإحراقها إلى إطلاق النار والملاحقات ووصولاً إلى القتل المباشر. والثابت أن روابط القرى كانت تردّ على أيّ ضرب حجارة، حتى لو كان صادراً عن طفل صغير، بتخريب ممتلكات المواطنين وتحطيم منازلهم.

رفض وطني مطلق

واجهت روابط القرى رفض كبير من الشعب الفلسطيني لأنها تساوقت مع أهداف الاحتلال الإسرائيلي وخرجت عدة مظاهرات مطالبة بتفكيكها ورحيلها عن المشهد ، كما ناضلت شخصيات وطنية وازنة ضد مبدأ فكرة روابط القرى ، ومن المناضلين كريم خلف وحلمي حنون وبسام الشكعة ضد روابط القرى ورفضوا أن يكونوا ضمن قيادة فلسطينية جديدة بديلة لقيادة منظمة التحرير الفلسطينية، فحاولت إسرائيل اغتيال خلف والشكعة وبترت ساقيه، في حين فرضت الإقامة الجبرية على حنون في طولكرم منذ عام 1980 وحتى عام 1983.وفد اسقط الشعب الفلسطيني وقواه الحية روابط القرى في العاشر من آذار/ مارس 1984، وسيسقط الشعب الفلسطيني أي عملية ترسيخ للفكرة الإسرائيلية في غزة والضفة بما فيها القدس، جنباً إلى جنب مع ضرورة زيادة الوعي لمنع الاحتراب الداخلي، والوقت من دم والتاريخ لا يرحم وفلسطين أسمى رموز الهوية الوطنية  .

 

 

 

Loading...