جنين – غزة – الحاضر والمستقبل

 

 

 

كما لو أنها مصادفة زمنية، أن ينجح الفلسطينيون بأنفسهم في رفع الكابوس الذي جثم على صدورهم من خلال ما حدث في مخيم جنين، من اقتتال راح ضحيته ستة عشر شهيداً ذلك غير المعاناة التي كابدها أهل المخيم والمعاناة النفسية التي كابدها الشعب الفلسطيني داخل الوطن وأينما وجد خوفاً من أن تمتد ألسنة النار لتطال مناطق أخرى في الوطن.

نأمل أن يكون الكابوس الذي جثم على صدورنا أن يزول نهائياً ولا يتكرر في أي زمان ومكان، وأن يحل محله وئامٌ راسخٌ بين المواطنين الفلسطينيين جميعاً وأبنائهم من قوى الأمن، على أن يُحمى هذا الوئام بالعدالة، بحيث يحاكم كل من ارتكب جريمة بحق المواطنين لينال ما يستحق لقاء ما فعل.

المخيم في حياتنا منذ أن أقيمت فيه أول خيمة وأول كوخ، هو في صلب النسيج الوطني والاجتماعي الفلسطيني ذلك أن الذين أجبروا على اللجوء إلى الجزء الذي لم يُحتل من الوطن، يتشاركون مع باقي مكونات الشعب الفلسطيني، حلو الحياة القليل ومرها الكثير، ذلك أن الكفاح الوطني الفلسطيني الذي شارك فيه كل الفلسطينيين منذ بدايته وحتى الآن وإلى أن يتحرر الوطن، تم تحت شعار يقول، إن ما بين أيدينا فهو لنا جميعاً وما ضاع منا فاستعادته واجبنا جميعاً.

الناس الشرفاء الوطنيون الحريصون على القضية والشعب، هم من أزال الكابوس الثقيل الذي جثم على صدورنا في جنين ومن واجب كل الفلسطينيين في كل مكان أن يؤسسوا وئاماً راسخاً لا تشوبه شائبة داخل الوطن وخارجه.

إن تزامن إزالة كابوس جنين مع وقف إطلاق النار على غزة والتقدم نحو إتمام التبادل بما يعيد الحرية لآلاف الفلسطينيين الذي حرموا منها سنوات طويلة، يفترض بل يجب أن يكون بداية جديدة لترسيخ وحدة شعبنا في مخيمات وقرى ومدن الوطن، ونهاية لأي اقتتال فلسطيني وترسيخاً لوحدة وطنية لا يخرج عليها أحد تحت أي مبرر من المبررات.

اليوم أنهينا كابوس جنين، وغداً سيبدأ فصل هام نحو إنهاء كابوس غزة، ولأن قضيتنا كبيرة ولم تحل بعد فالمستقبل الذي بدأ فصل جديد منه يحتم علينا أن لا نكرر ما حدث في جنين، ومع إجماعنا الوطني بأن المقاومة حق مشروع لكل شعب يقع تحت الاحتلال إلا أن هذا الحق يجب أن يمارس بقرار جماعي وأول مقوماته وشروط فاعليته أن يكون محسوباً وأن تكون أولوياته واضحة ومحددة وأولويتنا الآن هي ترسيخ صمودنا على أرض الوطن وسد الأبواب بإحكام أمام دعاة الفتن الداخلية سواء جاءت من الخارج أو من الداخل، وسد الأبواب تخصيصاً أمام الاستغلال اللئيم من جانب الاحتلال للإفادة من أي صراع فلسطيني فلسطيني.

إن أي سلوك في هذه المرحلة الحساسة التي يتهددنا فيها الاحتلال، وخاصة في الضفة يجب أن يكون محسوباً وجماعياً وذكياً.

 

 

 

Loading...