بالدموع وبرأس مُطأطئة سنستقبل المحررات الثلاث الأُوَل، في صفقة المخطوفين.
كل الجهود لتحريرهن، حيال منظمة القتلة "حماس"، وحيال الوسطاء، وحيال حكومة إسرائيل الحالية ورئيسها، وحيال آلة السم البيبية هي قطرة في بحر مقارنة بالبطولة الهادئة لتلك النساء الثلاث وباقي المخطوفات والمخطوفين.
لن يتمكن أحد من أن يعيد لهن الزمن الذي ضاع وأبناء العائلة والأصدقاء الذين ضاعوا بلا عودة، لكن يمكننا أن نعيرهن أذناً صاغية، وبيتاً دافئاً، مستقبلاً، أملاً، وليس أقل أهمية هدوءاً.
سمعت، أول من أمس، رئيس الوزراء وأسفت. حتى عندما يتخذ خطوة صحيحة يكون ملزماً بأن يغلفه بالأكاذيب، وبإنصاف الحقائق.
يرفض نتنياهو أن يفهم ما يفهمه كل واحد من الإسرائيليين. للصفقة ثمن. ثمن باهظ. الزعيم الوطني ينبغي أن يعترف بالثمن، وأن يتصدى له. لأجل أن يفعل هذا لا حاجة ليكون تشرتشل – فقط أن يوجه نظره إلى الكاميرا وأن يقول الحقيقة.
في إطار الصفقة سيتحرر إلى غزة، إلى الضفة، وإلى دول إسلامية آلاف "المخربين"، بينهم مئات من "القتلة" مع دم على الأيدي.
يوجد لعائلتي ولي صلة شخصية بواحد منهم، قاتل ثقيل. لو كان القرار بيدي، مع كل الألم الذي ينطوي عليه ذلك، كنت سأحرر القاتل على أن ترى مخطوفة واحدة أو مخطوف واحد نور النهار.
رئيس الوزراء النزيه ينبغي أن يقول للإسرائيليين: "الصفقة التي أمامنا تلزمنا بأن نحرر كذا وكذا سجناء خطيرين، قتلة محكومين، القيادة التالية لمنظمة الإرهاب. فشلنا وعلينا أن ندفع الثمن. افعل هذا بقلب كسير لكن بقرار مصمم، لا مفر، هذا ما نحن ملزمون بأن نفعله كي نحرر الناس الذين تركناهم لمصيرهم".
وربما، في يوم طيب، كان سيضيف أيضاً الجملة الآتية: قلبي مع العائلات التي تضطر لترى، الآن، قتلة أعزائها يخرجون إلى الحرية. توجد آلاف العائلات كهذه في شعب إسرائيل وأنا أشاطرها حزنها".
لأسفي، هو ليس نزيهاً، وهو ليس زعيماً. هو ليس واثقاً بحكمة الشعب الذي انتخبه، بذكائه. هو يسير بعيداً في الثناء والتمجيد للشعب في خطاباته لكن لا يثق بشعبه.
الشريط الذي يضعه على طرف لباسه أصفر جداً، لكن ليس لديه ذرة عطف على الناس. ربما كان له ذات مرة، لكن السياسة أكلت كل شيء.
نتنياهو (وعقيلته بالطبع) هو رئيس الوزراء الأول في تاريخنا الذي يحل مشاكل عائلية في بلاغ للامة، فقد مجد الجنود الأبطال لكنه نسي أن يمجد الوحدة في الجيش الإسرائيلي التي عملت بكد شديد كي تجلب إلى الديار كل مخطوف، إذا كان ممكناً بالمعلومات وبالقوة وبانعدام البديل بالاتفاق.
اللواء احتياط نيتسان ألون ورجاله بذلوا كل جهد، ابتلعوا كل مهانة، وقاتلوا على كل ذرة احتمال من أجل المخطوفين. قصتهم لا بد أن تروى.
هذا ليس زمن الغرق في الفرص التي فوتت: إذا ما تدبر كل شيء سيكون هذا يوم فرح، يوم إصلاح. لكن المستقبل يجب أن نراه بعيون مفتوحة. وعد نتنياهو، أول من أمس، وعاد ووعد بأن الحرب في غزة ستستأنف. بكلمات أخرى: لن تكون مرحلة ثانية.
هو لم يقل إن رقصة التانغو هذه بحاجة إلى اثنين، وربما ثلاثة وأربعة: لأجل استئناف الحرب "حماس" ملزمة بأن تخرق الاتفاق.
إذا لم تخرقه فلا توجد ذريعة. العائلات وملايين الإسرائيليين الذين يؤيدون الصفقة عليهم أن يسلموا بقرار يبقي أعزاءهم في الخلف، ومن شبه اليقين أن يتركوهم للموت.
وترامب، رب البيت الجديد، ينبغي أن يقتنع بأن نتنياهو يسلبه جائزة نوبل بيدين نقيتين. احتمال أن يحصل كل هذا ليس كبيراً.
لما كانت إسرائيل رفضت السماح بنشوء حكم فلسطيني شرعي في غزة، فإن "حماس" ستعود لتسيطر عليها. وهي تفعل هذا، منذ الآن، برعاية وقف النار. المليارات التي ستتدفق إلى الداخل، للمعونة الإنسانية وللأعمار، ستمر عبرها.
من كل الأفعال والقصورات منذ 8 تشرين الأول، فإن إخفاق ترك غزة لـ "حماس" هو أصعبها.
صفقة المخطوفين أيضاً درس في المستقبل السياسي لإسرائيل. كتلة اليمين، الإنجاز السياسي الأكبر لنتنياهو، قد تكون قادرة على أن تنتصر في صندوق الاقتراع، لكنها غير قادرة على أن تدير دولة.
كل واحد من عناصرها لا يركز إلا على أجندته الهدامة فقط. بن غفير بزعرنته؛ سموتريتش بمسيحانيته، لفين بكراهياته، والحريديم بطفيلياتهم.
يبدأ الإصلاح بإعادة المخطوفين، ولكن لا يمكن أن ينتهي بها.
عن "يديعوت"