دروس الأسبوع الأول لترمب

 

 

 

في ولايته الأولى "السابقة" ابتدع ترمب صفقة القرن، التي عرضها كحلٍ للقضية الفلسطينية، وتقوم على أساسٍ جنوني، هو أن تحتفظ إسرائيل بمعظم ما استولت عليه بالقوة من الأراضي الفلسطينية والسورية، وأن تُحشر الملايين الفلسطينية في الضفة، داخل جزءٍ ضيّقٍ من الأرض، بمساحة تقل عن مساحة مدينة متوسطة من مدن العالم.

رُفضت صفقة القرن، وسقطت مع سقوط صاحبها، إلا أن حكومة إسرائيل احتفظت بها كمستند وحافز لمواصلة ضمها للقدس والجولان، وفوقهما الأغوار، التي هي الأرض الاحتياطية الزراعية للشعب الفلسطيني وأحد مقوّمات حياته وكيانه الوطني.

طويت صفحة صفقة القرن كحلٍ قابلٍ للحياة، ولكن ومع اطلالاته الأولى من البيت الأبيض كرئيس للمرة الثانية، فاجأ العالم بطرح أقرب إلى الجنون، إذ قدّم حلاً استثمارياً سياحياً لواحدة من أكبر وأعمق قضايا الكون، هي القضية الفلسطينية بشقيها غزة والضفة.

يبدأ بنقل مليون ونصف المليون من أهل غزة، إلى مصر والأردن، تحت عنوان التهجير المؤقت وربما الدائم، حتى يزال الركام الذي يحتاج إلى سنوات عن أرض غزة، ويُبنى مشروع صهره كوشنير السياحي، بتحويلها إلى لاس فيغاس الشرق.

هذه حتى الآن حصيلة الأسبوع الأول لوجوده في البيت الأبيض، مضافاً إليه في الأسبوع الثاني استضافة نتنياهو ليبحث معه ما الذي سيفعلانه معاً لإنجاح صفقة غزة، والتفاهم على ما بعدها.

في أمر التهجير الجماعي لم تجري الرياح بما تشتهي سفينة ترمب، ذلك أن الشروط العملية التي تجعل من التهجير الجماعي عملاً قابلاً للتنفيذ، لم يتوفر منها أي شرط.

الفلسطينيون عاجلوا بالرفض والتشبث حتى بحطام الوطن، والمصريون كذلك والأردنيون.

الدرس الذي يتعين الاستفادة منه، هو القدرة العربية المنسقة على رفض صفقة القرن في الولاية الأولى، ورفض التهجير في الولاية الثانية، ما يجب أن يستخلص منه الطريق الفعّال للإحباط المسبق لمخططات نتنياهو التي يسعى إلى تجنيد ترمب وراءها، فالثلاثي الذي رفض التهجير ويستطيع أن يمنعه، ينبغي أن يكون أرضية صلبة لما هو أوسع وأكثر فاعلية، والمعني هنا أن يواجه ترمب بفعلٍ عربي منسق، لا يتوقف عند رفض أفكاره وخططه الخيالية، بل بإقناعه بحقيقة أن الرفض وإن كان أردنياً مصرياً فلسطينياً فهو فوق ذلك عربي إقليمي، وبديله العملي الوحيد هو قيام دولة فلسطينية مستقلة، وهذا ما أكد عليه الملك عبد الله الثاني والرئيس عبد الفتاح السيسي، وإذا كان ترمب يحسب حساباً لفرص النجاح والفشل، فعليه أن لا يتوقف عند إطفاء الضوء عن التهجير، بل أن يذهب بجدية إلى الحل الحقيقي الذي هو قيام الدولة الفلسطينية.

 

 

 

 

Loading...