في 8 حزيران 2024، اقتحمت قوة من "الشاباك" و"اليمام" مبنيين في مخيم اللاجئين النصيرات وسط القطاع. وحرّرت أربعة مخطوفين، نوعا ارغماني، والموغ مئير غان، اندريه كوزولوف، وشلومي زيف تحت نار كثيفة. قُتل مقاتل "اليمام" المتميز، ارنون زمورا، أثناء القتال، وسميت العملية بعد موته على اسمه. حسب الجيش الإسرائيلي قتل أكثر من 100 فلسطيني، بينهم "مخربون" من "حماس" ومواطنون، وحسب "حماس" قتل 274 وأصيب 700.
كانت هذه عملية لامعة بمعنى كلمة لامعة. نعرف، اليوم، أن المخطوفين اوهد بن عامي، ايلي شرعابي، وأور ليفي احتجزوا في الجوار. "المخربون"، الذين احتجزوهم، قرروا الثأر. أنزلوا الثلاثة إلى نفق، جوعوهم ونكلّوا بهم. عندما نُقل الثلاثة إلى طابور النهاية، يوم السبت، بدوا كما بدا السجناء في بيرغن – لوزان في يوم التحرير. كانت الصدمة ثقيلة. انكشف الطابع الإجرامي لرجال "حماس"، مرة أخرى، بكل وحشيته. يمكنهم أن يلبسوا بزات، وأن يقيموا منصات، وأن يصدروا شهادات تحرير وكأنهم جيش شرعي. حين تلوح لهم فرصة يعودون ليقولوا ما هم عليه: رعاع متعطشون للدم أبناء موت.
أثناء الاستعدادات للعملية، طرح السؤال حول ما يمكن أن يحصل في أعقاب ذلك لمخطوفين آخرين. طرح تخوف من أن يقتل مخطوفون. فليكن واضحا: لا اعتزم الادعاء بأن القرار بتخليص مخطوفين بالقوة كان متسرعا. أعتزم الإشارة إلى ثقب كبير في الخطاب الجماهيري بشأن تحرير المخطوفين وفي الواقع في الخطاب حول الحرب كلها: الاستيعاب بأن لكل عملية تنفذها إسرائيل نتائج مرافقة.
منذ بداية الحرب، تسعى الحكومة لتخفي عن الجمهور كامل الثمن: في نظرها الجمهور ليس راشدا بما يكفي، وليس ناضجا بما يكفي كي يفهم الواقع. السيدة ستروك من الخليل تفهم، والسيدة كوهن من الخضيرة لا تفهم. إسرائيل كاتس، وزير مع كثير من الفخامة وقليل جدا من الفهم في الأمن، يوبخ رئيس "أمان" لأنه قدّر، في نقاش مغلق، بأن خطاب الترحيل الذي أطلقه ترامب من شأنه أن يثير معارضة في العالم العربي. ماذا، كاتس لا يفهم أن هذا هو عمل رئيس "أمان"؟ إن من يدس رأسه في الرمل ينتهي بمفهوم مغلوط ينتهي في 7 تشرين الأول.
ينبغي أن يقول احد ما لكاتس الحقيقة: أعداء إسرائيل وأصدقاؤها يتابعون عن كثب وزراء دفاعها. ليس جيدا أن يفكروا أن ليس لوزير دفاعنا ثقة بالجيش، وليس هناك أمن في الحصانة القومية وأساسا ليس هناك تفكير. هذا يمس بأمن الدولة. قد أكون أخلط بين شيء وآخر من غير جنسه، لكن يوم السبت الماضي، دُهشت لسماع د. جلعاد بودنهايمر، رئيس خدمات الصحة النفسية في وزارة الصحة، الذي أصدر بياناً يوصي فيه الجمهور ألا يشاهد صور تحرير المخطوفين الثلاثة خشية أن تضر الصور بنفسيته. لو كان اكتفى بالتوصية بعدم تعريض الأطفال للصور لقلنا فليكن، بالكاد، لكن تحذيره كان موجها أيضا للراشدين.
ماذا يحصل هنا؟ بعد سنة وثلث السنة من صفارات الإنذار والتفجيرات، من الغرف الأمنية وغرف الدرج، الصدمات وما بعد الصدمات، الجنازات والثكل، الدمار والخراب، هل يظن احد ما في الحكومة أن التهديد الأكبر على عقولنا هو أن نرى ثلاثة رجال نحفاء يقتادون إلى منصة في قطاع غزة؟
المجال الأخطر الذي تحاول فيه الحكومة إخفاء الحقيقة عن الجمهور هو المفاوضات حول المرحلة الثانية من صفقة المخطوفين. في مقابلتين صحافيتين أعطاهما لنداف ايال في "يديعوت أحرونوت" وليونيت ليفي وعميت سيغال في القناة 12، قارن يوآف غالانت بين معارضة نتنياهو في صفقة المخطوفين في نيسان – أيار وموافقته على الصفقة في كانون الثاني. فقد قال على حد ذاكرتي جملة كهذه: بين سموتريتش وبايدن فضل نتنياهو سموتريتش. بين سموتريتش وترامب فضل ترامب.
من المعقول أن يكون رئيس الوزراء يعطي وزنا مختلفا للرئيسين: كان بايدن قبل نهاية ولايته، بمفاهيم عديدة، إوزة عرجاء. أما ترامب فبدأ فقط، وبكل القوة. ما ليس معقولا هنا وأخفي عن الجمهور هو ماذا كان دور سموتريتش في هذه القصة. كيف يحصل أن رئيس كتلة مسيحانية، قليلة الناخبين، يقرر موت 11 مخطوفا وربما اكثر، فقدناهم بين نيسان وكانون الثاني؟
الآن، نحن نقترب من المرحلة الثانية في الصفقة، والإخفاء والتضليل يتواصلان. أثناء المداولات على المرحلة الأولى ما اقلق نتنياهو جدا كان الانتقال من المرحلة الأولى إلى الثانية: ألا يدخلوه إلى تلم لا يمكنه الخروج منه، وألا يدفع ثمن الانتقال بتفكيك حكومته. الخوف من سموتريتش تملّكه مرة أخرى. صور المخطوفين الثلاثة الذين تحرروا، السبت الماضي، أوضحت له، في فندقه في واشنطن، أن ضغط العائلات وضغط معظم الإسرائيليين لتحرير الجميع سيشتد فقط.
الأقوال، التي قالها ترامب علناً أثناء الزيارة، كان ينبغي لها أن تهدئ روعه: تحدث ترامب كمن يفهم أنه بعد الصفقة ستوجد الطريق لاستئناف القتال. هو ليس بايدن: هو لن يوفر حياة سكان غزة. ستنتهي المرحلة الثانية، "حماس" ستسلح نفسها من جديد، إسرائيل ستعلن أن "حماس" تخرق وقف النار، وستدخل إلى غزة من جديد، بإسناد أميركي.
فما بالك أن نتنياهو جاء لمواصلة الصفقة وهو معزز بإنجازات الجيش الإسرائيلي في لبنان، وبسقوط النظام في سورية، وبتصفية السنوار، وبتصريحات ترامب؟
لكن نتنياهو ليس واثقا بترامب، والاهم من ذلك أنه ليس واثقا بأن سموتريتش واثق بترامب. وعليه فهو يخفي ويخادع – يعد الجمهور بأن التحرير سيستمر وبالتوازي يفعل العكس. رئيس "الموساد"، دادي برنياع، ورئيس "الشاباك"، رونين بار، أُزيحا عن الفريق المفاوض. رئيس "الموساد" هو ربّ بيت في قطر، ورئيس "الشاباك" رب بيت لدى المخابرات المصرية. غال هيرش، الذي يفترض أن يحل محلهما، لا توجد له علاقات ولا توجد مؤهلات. يفهم الوسطاء جيداً هدف الاستبدال، وهم سيتصرفون بناء على ذلك. ومثلما قلنا لكل عمل لحكومة إسرائيل توجد نتائج مرافقة، باستثناء أنهم ينسون فقط أن يقولوا لنا الحقيقة.
عن "يديعوت"