ترمب لا يواجه بالقطعة

 

 

 

حتى ما قبل طرحه مشروع الريفييرا الخيالي، كان العرب يتعاملون مع أمريكا بالقطعة، سواءً على مستوى العلاقات الثنائية أو على مستوى قيادتها لمشروع التطبيع مع إسرائيل. وقد استقرت العلاقة طويلاً على هذا الأساس.

البعض استفاد من دعمٍ مالي، والبعض الآخر من دعمٍ سياسي، وبعض آخر من دعم أمني، وبفعل هذه السياسة صارت العلاقة مع أمريكا أقرب ما تكون إلى الثوابت التي لا غنى عنها.

في عهد بايدن، نجحت أمريكا في تصدير سياسة مزدوجة، قوامها تزويد إسرائيل بما يلزم لتدمير غزة، وتزويد العرب بوساطة غير فعالة وتغطية ذلك كله بجملة غير مفيدة هي بقاء حل الدولتين على الأجندة.

جاء ترمب، وألغى الازدواجية ليُحل محلها سياسة في اتجاه واحد، عنوانها إسرائيل هي الشرق الأوسط، وكل ما عداها زبائن مدينين لأمريكا حتى بلقمة عيشهم وببقائهم، فإمّا أن ينفذوا الأوامر دون نقاش، وإلا فإن أبواب جهنم ستفتح عليهم.

لقد صادر قرارهم ونصّب نفسه صاحب حاضرهم ومستقبلهم ومصيرهم.

يرفض الأردن التهجير... فيقول هو لا إنهم سيوافقون، وتؤكد مصر أنها لن تسمح به... فيقول إنهم سيسمحون أخيراً، وتعلن السعودية لا تطبيع دون دولة فلسطينية... فيقول إنهم لا يريدون دولة فلسطينية!

كيف سيكون الرد؟ هذا هو السؤال الكبير بعد كل هذا التحدي والاستخفاف، وخصوصاً بمن يقيمون علاقات صداقة أو هكذا يسمونها مع أمريكا.

ترمب فرض على العرب جميعاً ودون استثناء أن يتخلوا عن التعامل مع أمريكا بالقطعة، فقد وضع الخطر على أبواب بيوتهم، ونصّب نتنياهو مندوباً سامياً له عليهم.

اختار العرب الاشتباك السياسي معه، من خلال الاتصالات والزيارات والمبعوثين، وهذا أمر لابد منه في السياسة والعلاقات العامة، غير أن الاشتباك السياسي لا جدوى منه إن لم يكن معززاً بأوراق ضغط يحسب لها حساب.

وبحسابات ترمب المقاول برتبة رئيس أكبر دولة في العالم، فلن يفهم إلا ذات اللغة وذات الحسابات، فهل يجمع العرب في قمتهم القادمة أوراقهم الحقيقية وما أكثرها ويضعونها في رصيد الاشتباك السياسي دون إغفال البدائل المتوفرة في أمر الصفقات والتحالفات؟

إن ترمب يكسب ما دام التعامل معه بالقطعة، وبمنطق العدالة والقوانين، أمّا إذا جرى التعامل معه بمنطق المصالح المقابلة وتوظيف الأرصدة العربية المتوفرة، فساعتئذ يستقيم الميزان.

 

 

 

 

Loading...