في الطريق إلى القمة العربية الشاملة، التي ستعقد في القاهرة في السابع والعشرين من الشهر الجاري، تعقد قمة خماسية في الرياض.
القمتان الأولى والثانية، تجسدان أعلى وأفعل مستويات الاشتباك السياسي، الذي من خلال أداءه بإتقان، وبحشد للأوراق والامكانيات المتوفرة لدى العرب، لابد وأن يضع حداً للاستخفاف بهم وبقضاياهم ومصالحهم، والذي وصل ذروته بالمشاريع الخيالية التي يطرحها الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، والتي تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية في سياق إخضاع المنطقة بأسرها للتحالف الأمريكي الإسرائيلي.
القمتان المصغرة والنوعية في الرياض ثم القاهرة، ومن خلال جدول أعمالهما الذي تتصدره غزة ورفض تهجير أهلها، والسباق بين إعادة إعمارها وأهلها على أرضها، وبين إلغاء وجودها لمصلحة استثمار سياحي لا أخلاقي يطرحه الرئيس ترمب، هاتان القمتان ستكونان بمثابة مرحلة جديدة من مراحل الصراع المحتدم في الشرق الأوسط وعليه، ما يحتم أن يخوضها العرب بمنهج وآلياتٍ تختلف عن كل ما سبق، ما يعطي للقمتين المتتاليتين أهمية استثنائية في الحياة الدولية المضطربة، والتي لا مكان ولا تأثير فيها لغير الأقوياء ومالكي أوراق التأثير الفاعل في معادلات القوى والمصائر.
لا ينقص العرب في هذه المرحلة أوراق وقدرات تؤهلهم ليكونوا قطباً دولياً يحسب له حساب في تقرير مصير المنطقة.
الفلسطينيون أصحاب القضية المركزية يمارسون صموداً اسطورياً على أرضهم، وتمسكاً لا تراجع عنه بحريتهم واستقلالهم، ومصر سيدة الجغرافيا اللصيقة بغزة، وصاحبة عبقرية المكان على مستوى الكون كله، والأردن اللصيقة بالضفة جغرافياً ومصيرياً، والسعودية المعترف بها قطباً دولياً وصاحبة المبادرات المتوازنة التي أساسها قيام الدولة الفلسطينية، ومعها في هذا كل الأشقاء العرب، والغالبية الأعظم من دول العالم، هؤلاء جميعاً يشكلون جدار الصد العربي، لأطماع الآخرين مهما كانت جنسياتهم وأجنداتهم.
النتائج الأولية للقمم حتى قبل انعقادها يشير إليها وزير الخارجية الأمريكي الذي قال "إن من يعترض على مشروع ترمب بشأن غزة فعليه تقديم مشاريع بديلة".
العرب لن يتوقفوا عند مشروعهم الواقعي لإعادة إعمار غزة، مع بقاء أهلها على أرض وطنهم، بل سيذهبون إلى ما هو أعمق وأبعد وهو القضية الفلسطينية التي لابد وأن تحل بما يرضي شعبها وأمتها، فلقد أجمع العالم وهذا أمر ثمين للغاية على أن لا استقرار في المنطقة دون حلها بما يحقق لشعبها حقوقه الأساسية وفق قواعد وقرارات الشرعية الدولية والمبادرة العربية والإسلامية الجماعية للسلام.
لقد وصل التحدي إلى باب كل عاصمة عربية ولا سبيل لردعه سوى وحدة القرار والموقف، وخدمتهما بكل ما يملك العرب من إمكانات وهي كثيرة ونوعية.