تم الرد على في مناورات الحرب النفسية، التي تمارسها "حماس"، منتهى السبت بشكل شديد من قبل إسرائيل. تم تجميد إطلاق سراح الـ 600 أسير فلسطيني، الذين كان مخططا تحريرهم مقابل تحرير ستة من المخطوفين الإسرائيليين صباح السبت. تم اتخاذ القرار رداً على ما وصف في اعلان مكتب رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، بـ "خروقات متكررة لـ'حماس'، بما في ذلك المراسم المهينة لكرامة المخطوفين". في الخلفية كانت هناك أحداث أخرى مثل توثيق إحضار مخطوفين لمشاهدة إطلاق سراح ثلاثة من أصدقائهم، وإعادة جثة امرأة فلسطينية بدل جثة شيري بيباس، وسلسلة التفجيرات في الحافلات في تل ابيب الكبرى، مساء الخميس.
قرار إسرائيل تم اتخاذه، كما نشر المراسل براك ربيد في موقع "اكسيوس"، بعد جلستي نقاشات. في الجلسة الاولى، بمشاركة نتنياهو وكبار قادة جهاز الامن، أوصى كبار قادة جهاز الامن بالامتناع عن تأخير اطلاق سراح السجناء خوفاً من أن تقوم "حماس" ردا على ذلك بتأخير اعادة الجثث الاربع الاخيرة للمخطوفين في اطار المرحلة الاولى للصفقة، المخطط لها، الخميس القادم. وبعد ذلك قام نتنياهو بعقد جلسة مشاورات مع عدد قليل من الوزراء بدون اشراك المهنيين، قرر فيها تجميد إطلاق سراح السجناء الفلسطينيين.
قدمت "حماس" شكوى للوسطاء، لكنهم في إسرائيل ما زالوا يقدرون أنه يمكن حل الازمة حتى يوم الخميس. تكمن الصعوبة الكبيرة في ما سيأتي بعد ذلك. يوم السبت القادم سيبدأ الجيش الإسرائيلي، في اطار صفقة التبادل، في إخلاء محور فيلادلفيا، الخطوة التي نتنياهو غير معني بتنفيذها. ومن المؤكد أنه سيحاول تمديد المرحلة الاولى من خلال نبضات فرعية صغيرة لتحرير عدد قليل من المخطوفين مقابل بضع مئات من السجناء الفلسطينيين. تطمح إسرائيل الى تبكير اطلاق سراح عدد من المخطوفين، ممن نشر أن حالتهم الصحية خطيرة بشكل خاص. في الخلفية ستكون هناك محاولة لتمديد وقف اطلاق النار في شهر رمضان، الذي سيبدأ في نهاية الشهر، أو بداية الشهر القادم. هذا الامر سيتم حسمه وفقا لمواقف الادارة الاميركية.
وقال ستيف ويتكوف، مبعوث الرئيس الاميركي الى المنطقة، أول من أمس، لشبكة "سي.ان.ان" بأن الادارة الاميركية تتوقع تنفيذ المرحلة الثانية في الصفقة، ولكن من اجل ذلك يجب تمديد المرحلة الاولى. وقال ويتكوف ايضا بأنه سيصل الى المنطقة اجل علاج ذلك. "أعتقد أنه يوجد لنتنياهو دوافع لتحرير المزيد من المخطوفين"، قال. "توجد له خطوط حمر، وهي عدم مشاركة 'حماس' في الحكم في غزة. هو سيحاول الحصول على رد على الأمرين". هنا يوجد اختيار مهم للصياغة. عندما يصف ويتكوف طلب نتنياهو بأنه رفض لاشراك "حماس" في الحكم، فان هذا طلب يمكن لـ"حماس" بطريقة معينة التعايش معه، خلافا لوعود نتنياهو بالقضاء عليها وتفكيكها كليا.
ادعاء إسرائيل بأن الخاطفين الفلسطينيين قاموا بقتل طفلي عائلة بيباس كفير واريئيل، يعتمد على نتائج الفحص في معهد الطب الشرعي وعلى المعلومات الاستخبارية. المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي، العميد دانييل هاجري، نشر بيانا حول ذلك في نهاية الاسبوع بالتنسيق مع الأب يردين بيباس، الذي عاد من الأسر. في جهاز الامن يقولون إن الخطأ في اعادة جثة شيري بيباس نبع من خطأ لـ"حماس"، وحسب معرفتنا فانه لم يكن جزء من مناورة متعمدة. أُحرجت قيادة "حماس" في القطاع عندما تم الكشف عن هذا الخطأ فقامت بالاسراع في اعادة الجثة الصحيحة. الاعلان عن ذلك تم نقله الى قناة "الجزيرة"، المقربة من "حماس"، كي يتم نقله الى إسرائيل قبل وصوله الى دول الوساطة.
في هذه الاثناء ينشرون في الحكومة والجيش بيانات متشددة، ايضا في موضوع الضفة الغربية، التي خرج منها حسب الاشتباه واضعو العبوات في الحافلات في مركز البلاد. بعد يومين على زيارة نتنياهو الخاطفة في طولكرم اصدر وزير الدفاع، إسرائيل كاتس، بيانا تفاخر فيه بأن 40 ألف فلسطيني "تم اخلاؤهم حتى الآن" من مخيمات اللاجئين في شمال الضفة، وقال: "أصدرتُ تعليمات للجيش بالاستعداد لتواجد طويل في المخيمات وعدم السماح بعودة سكانها وعودة الارهاب للنمو". وأعلن المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي عن "تعزيز القوات في العملية، لتشمل وحدات مشاة وسرية دبابات". في مواقع وسائل الاعلام المتماهية مع اليمين تحمسوا لنشر الدبابات في المنطقة، "للمرة الاولى منذ عملية السور الواقي في 2002"، ولم يتوقفوا عند مسألة كم عدد الدبابات في السرية (ذات مرة كانت ثلاث دبابات والآن دبابتان).
تهديد جديد
في بيروت شارك عشرات آلاف الاشخاص، أول من أمس، في جنازة حسن نصر الله، بعد خمسة اشهر على اغتياله من قبل إسرائيل. اثناء الجنازة حلقت طائرات حربية إسرائيلية بارتفاع منخفض فوق المدينة. في موازاة ذلك قصف سلاح الجو الإسرائيلي اهدافا لـ "حزب الله" في بعلبك في البقاع اللبناني واهدافا في جنوب لبنان، بذريعة أنه تم تشخيص نشاطات عسكرية هناك.
إخراج الجنازة تم كما هو متوقع كاستعراض قوة لـ "حزب الله" بعد الهزيمة النكراء في الحرب ضد إسرائيل في الخريف الماضي. ولكن رغم مشاركة الجمهور والخطابات التي وعدت بالانتقام في المستقبل من إسرائيل، إلا أن وضع "حزب الله" في الجبهة الداخلية معقد وصعب. وقال رئيس لبنان الجديد" جوزيف عون"، أول من أمس، في لقاء مع وفد ايراني في بيروت بأن دولته "تعبت من حروب الآخرين"، واضاف: "لبنان دفع ثمنا باهظا جدا من اجل القضية الفلسطينية".
في 18 شباط قلص الجيش الإسرائيلي تواجده في جنوب لبنان وفقا لاتفاق وقف اطلاق النار، وجمع القوات المتبقية في خمسة مواقع قرب الحدود داخل لبنان. ولكن إسرائيل انحرفت عن الاتفاق، وحتى الآن امتنعت عن الانسحاب الكامل، رغم الوعد بذلك. حتى الآن عدد السكان، الذين عادوا الى القرى الشيعية في الجنوب، ضئيل جدا. في الجيش الإسرائيلي يقدرون أنهم ينتظرون اتضاح صورة الوضع على طول الحدود. الاضرار في القرى الشيعية شديدة، وستكون هناك حاجة الى فترة طويلة لاخلاء الانقاض هناك. في إسرائيل يثمنون نشاطات الجيش اللبناني في الجنوب، ويقولون إنه حدث تحسن واضح عليه، بما في ذلك الاستعداد لمطالبة "حزب الله" باخلاء رجاله من القرى الموجودة في جنوب نهر الليطاني. العلاقة مع الجيش الاميركي من أجل تطبيق الاتفاق وثيقة جدا. في المقابل، دور قوة الامم المتحدة، اليونفيل، في الاتفاق الجديد هامشي جدا.
يبدو رئيس الحكومة مصمما على إشعال النار في اكبر عدد من الجبهات. ففي احتفال انتهاء دورة لضباط المشاة، أول من أمس، أطلق نتنياهو تهديدا جديدا نسبيا. هذه المرة الجبهة السورية. فقد أعلن بأن إسرائيل لن تسمح للجيش السوري في إطاره الحالي بدخول المنطقة جنوب دمشق، وستطلب نزعا كاملا لسلاح قوات الجيش هناك. يحدث هذا استمرارا للقرار الإسرائيلي في كانون الاول الماضي، باقامة خط من المواقع في هضبة الجولان السورية والسيطرة على قمة جبل الشيخ السوري. يحافظ النظام الجديد وبحق على مسافة من خط الحدود مع إسرائيل، وتم صد محاولات كثيرة للاقتراب باطلاق نار تحذيرية من الطرف الإسرائيلي. ولكن من المشكوك فيه اذا كان الجيش الإسرائيلي نفذ حتى الآن بالقوة نزعا كاملا للسلاح في المنطقة جنوب دمشق. يزيد نتنياهو مبلغ المراهنة ايضا في هذه الساحة.
يمكن أن نجد في اقوال رئيس الاركان التارك لدغة اخرى للمستوى السياسي، الذي سيجسد في الاسبوع القادم خطته للتخلص من هليفي. فقد حذر هليفي من "الخيول منفلتة العقال التي تنطلق بدون تمييز أو هدف دقيق"، في اشارة واضحة إلى الطريقة التي يقوم فيها نتنياهو بترقية ضباط هجوميين. سعى هليفي أيضا الى تأكيد الحاجة الى التجنيد الجماعي للحريديين في الجيش، في الوقت الذي يتآمر فيه الاثنان اللذان الى جانبه على المنصة، نتنياهو وكاتس، من أجل تمرير قانون الاعفاء من الخدمة، الذي يعفي الحريديين كليا من أي لمس خطير للزي العسكري.
عن "هآرتس"