كثير هو المختلف في الشكل والمضمون والهوية، بين الزعيم الراحل ياسر عرفات والزعيم المهدد بالرحيل فولوديمير زيلينسكي.
لن نتحدث عن المختلف الكثير، فهو يحتاج ليس إلى مقالة مختصرة وإنما إلى كتاب، لهذا سنركز على المتشابه.
من حيث الشكل دخل الاثنان البيت الأبيض بلا بذلات أوروبية وربطات عنق.
عرفات يفخر بأنه الزائر الوحيد للبيت الأبيض الذي قال "لا" حين كانت تعرض عليه صيغة تتعلق بقضيته ولا تتناسب مع مبادئه ومواقفه وسياساته.
زيلينسكي قال "لا" لذات الأسباب التي حملت عرفات على قولها، والنتيجة أن عرفات حوصر في المقاطعة في ظروف أصعب بكثير من أضيق زنزانة في أي سجن، إلى أن توفاه الله في باريس بعد مرض أعيا الأطباء علاجه.
بحيث صدق على حالته القول من لم يمت بالسيف مات بالبولونيوم.
أمّا زيلينكسي صاحب الـ "لا" العلنية والمدوية والمسجلة بالصوت والصورة، فقد فُرض عليه حصار بين فكي كماشة أمريكا أكبر قوة في العالم حتى الآن، وروسيا المحتلة لأجزاء من أوكرانيا.
ومثلما طُلب من عرفات الإذعان للأمر الواقع الأمريكي الإسرائيلي ورفض، وظل رافضاً حتى الاستشهاد، فيطلب من زيلينسكي ذات الطلب... أي القبول بالأمر الواقع الجديد الذي يقوده ترمب ويسعى من خلاله إلى تسليم مفاتيح أوكرانيا للروس، ومفاتيح المعادن الثمينة وباقي ثروات أوكرانيا له، مع إلزام زيلينسكي أو من سيكون رئيساً لأوكرانيا، بقضاء حكم مؤبد لبلده وشعبه بفعل تحويل كل المساعدات الأمريكية وهي بمئات المليارات كدين يتعين على الدولة الخارجة من حربٍ شرسة سدادها ولعقود طويلة قادمة.
اغتيل ياسر عرفات بالبولونيوم جرّاء موقفه، ولا يُعرف كيف سيكون مصير زيلينسكي بين فكي الكماشة الأمريكية والروسية.