ليس مطلوباً من مصر أن تعلن حرباً على إسرائيل، ذلك أمر يندرج تحت اعتبار السيادة التي يجب أن تُحترم، وليس مطلوباً من قطر أن تفعل ذات الشيء لذات الاعتبارات.
ولكن التعامل الإسرائيلي مع الوسطاء العرب يتم بطريقة فيها قدرٌ كبيرٌ من التعالي والإفراط في تجاهل الالتزامات السياسية والأخلاقية للدولتين الشقيقتين تجاه الفلسطينيين.
مصر وقطر ليستا وسيطين محايدين، وإذا ما ألقينا نظرة على ما تضمره إسرائيل لمصر بالذات، وهو خطرٌ على مصر، مثل التهديد بالاستيلاء على خط فيلادلفيا، وربما معبر رفح، وكذلك تهجير مئات ألوف الفلسطينيين إلى سيناء.
مصر رفضت بشدة والفلسطينيون كذلك، ما جعل الإسرائيليين يقللون من الحديث عما يخفون من خطط بهذا الاتجاه، دون أن يفارقهم هذا الهدف الذي استبدله نتنياهو بمصطلح التهجير الطوعي، وما يضمره الإسرائيليون تجاه مصر، يفكرون به تجاه الأردن والعديد من الدول العربية، ورغم إخلاص مصر وقطر في سعيهما لوقف الحرب على غزة ولو عبر هدن طويلة الأمد إلا أن إسرائيل تريد هدناً تمكنها من الاحتفاظ بالسيطرة على غزة، وبقاء قرار القتل والتدمير بيدها.
مصر تعرف ذلك جيداً، وتعمل على وقف الحرب كأولوية، وبعدها تدعو إلى فتح مسارٍ سياسي لحل القضية الفلسطينية، وقطر معها في هذا الإتجاه، وكذلك الدول العربية جميعاً وكل دول العالم إلا إسرائيل التي لا تخفي سياستها الرامية إلى الحصول على كل ما تريد دون أن تقدم الاستحقاقات المترتبة عليها.
ليجرب العرب أن يقولوا لإسرائيل اخلعي أشواكك بيديك، ولا يناسبنا استمرار الوساطة تحت الأسقف الإسرائيلية المنخفضة.
إن لغة نتنياهو تجاه العرب فيها صلفٌ وغرور وتعالي، ينبغي أن يرفض ويواجه بمواقف أكثر حسماً، وأن يقال لإسرائيل صراحة، إخلعي الأشواك من يديك بيديك، وإذا ما أردت وساطة فعّالة لفتح ملف التبادل على حل تفاوضي، فهذه مطالبنا التي لا تختلف عن مطالب الفلسطينيين والعالم.
أهل غزة بحاجة إلى وقف لإطلاق النار الآن قبل الغد، ولكنهم يريدون أن يترافق وقف إطلاق النار مع ضمانات بعدم تمكين إسرائيل من أن تواصل إطلاق النار وقتما تشاء، إن العرب أيضاً يريدون ذلك ويستطيعون.