هذه المرة تحدث نتنياهو مباشرة عن قطر، ولام الولايات المتحدة التي لا تمارس ضغطاً على الحكومة القطرية، بما يجعلها تحقق لنتنياهو ما يريد بالضبط سواء تجاه حركة حماس بالإجمال، أو في جزئية تبادل الأسرى، وقبل أن يتحدث بصورة مباشرة كان كثيرون تحدثوا باسمه منتقدين ومتوعدين، وكأن قطر هي من يشكل الخطر الأكبر على إسرائيل، ولكي يتفادى هذا الخطر، فلابد من الاستعانة بأمريكا، كي تفعل ما يرغب به.
العنوان هو حركة حماس، التي يقيم بعض قادتها في الدوحة، وكأن نتنياهو اكتشف نفقاً جديداً يمتد من الدوحة حتى رفح، والغريب، أن الرجل الذي كان يحمل حقيبة المساعدات القطرية لغزة على ظهره، ومن خلال تنسيق تفصيلي مع قطر، اكتشف مؤخراً العلاقة الوطيدة بينها وبين حماس، واكتشف ويا للمفاجأة المدوية، أن هذه العلاقة هي أصل الداء والبلاء، بما يتطلب تدخلاً أمريكياً وربما دولياً لمعالجة الخطر وفق ما يشتهي.
لو راجعنا أدبيات نتنياهو منذ وقوع أكبر تقصير حكومي في تاريخ إسرائيل، أي يوم السابع من أكتوبر والذي تلاه تقصير أفدح من خلال الحرب التي دخلت شهرها الرابع، دون أن يحقق ما وعد به وإذا ما أضفنا إلى ذلك تدهور الوضع العام في إسرائيل وانهيار روايتها حول نفسها، إذ مثلت كمتهم أمام العدالة الدولية، لوجدنا أن لسان حال نتنياهو يقول، كل العالم أخطأ وكل العالم قصّر، وكل العالم يتحمل مسؤولية ما حدث بما في ذلك قطر.
بهذه الروايات يحاول أن يظهر كما لو أنه ليس مسؤولاً عن محاولة تدمير القضاء، من أجل نجاته الشخصية من المسائلة والافلات من التهم المثبتة عليه، في أربع قضايا فساد تهد الجبال، ذلك قبل حكاية قطر وغزة، بفترة طويلة جداً، وإذا كانت موقعة السابع من أكتوبر وما تلاها من حرب تدميرية رفضها العالم كله، قد غطّت على ما سبقها من جرائم لنتنياهو، فإنه يحاول نفي مسؤوليته عن سعيه الدؤوب لإشعال المنطقة في حرب إقليمية واسعة، ليس هدفه منها أمن إسرائيل وإنما كي يجر أمريكا لهذه الحرب.
إنه يستخف بالمنطق حين يقدّم نفسه وهو صاحب القرار الأول والأخير في إسرائيل، على أنه بريء براءة الذئب....، أمّا كل ما حدث من تقصير وخسائر واخفاقات، فالمسؤول عنها غيره من داخل إسرائيل إلى داخل أمريكا إلى قطر.
هذا هو حال ومنطق وأدبيات نتنياهو، ومع أنه كان يزهو ببراعته اللغوية وقدرته على الإفلات من المآزق حتى لو كانت أمريكا لها صلة بها إلا أن منطقه منذ أن أسقطه الشارع الإسرائيلي معنوياً وسياسياً قبل أكتوبر وبعده، لم يعد خطراً على اسرائيل وحدها، بل أصبح خطراً على المنطقة، وهذا ما لا نقوله نحن بل يقوله معظم كتاب ومثقفي وأصحاب الرأي في إسرائيل وأمريكا.