بقلم: أسعد بشارة
في كواليس التحرك الخماسي، مبادرة تمّ إنضاجها على وقع الحرب في غزة وجبهة المساندة في الجنوب، التي تكاد أن تتحول إلى حرب كبرى في لبنان.
هذه المبادرة التي ترجمت على شكل تحرك سعودي تولاه السفير وليد البخاري، الذي التقى السفير الايراني مجتبى أماني ورئيس مجلس النواب نبيه بري، قبل أن يتمم اللقاء بين سفراء الدول الخمس المعنية باستقرار لبنان، تنطلق من قراءة لمستقبل ما يجري في المنطقة، من الزاوية الحريصة على لبنان، وعلى استقراره، في ظل تهديدات اسرائيلية هي الأكثر جدية منذ العام 2006.
تسعى مجموعة الدول الخمس، إلى انتخاب رئيس في مدى زمني أقصاه شهر شباط القادم، فالمعطيات ترجّح اقتراب انتهاء الحرب في غزة، ولو عبر انتقال من مرحلة إلى مرحلة، وستشهد الحرب مرحلة تفاوض، سيتجاوز تبادل الأسرى إلى البدء بالاتفاق على الترتيب النهائي لليوم التالي، مع كل ما يعني هذا «اليوم التالي» من احتمالات إحياء المفاوضات، وعودة السلطة الفلسطينية إلى القطاع برعاية عربية، وإعادة الإعمار.
تستبق مجموعة الخمس، اليوم التالي لحرب المساندة في لبنان، بجهد دبلوماسي مكثف، الهدف منه انتخاب رئيس للجمهورية، في خطوة يُراد منها استباق الحرب، بمفاوضات تحت رعاية هذا الرئيس، كي يعود الاستقرار، ويتم قطع الطريق على التصعيد الإسرائيلي، عبر الممر الإجباري الوحيد القادر على لجم التصعيد والتهديد، وهو معبر الترسيم وتطبيق القرار 1701.
في الواقع السياسي الداخلي المتردي، لن تتمكن حكومة الرئيس ميقاتي من قيادة أيّ مفاوضات، ولا يمكن لرئيس مجلس النواب أن يلعب هذا الدور، وهو المنوط برئيس الجمهورية، ومن هذه الزاوية يتحرك الجهد العربي والدولي، لحماية لبنان ببعدين: الأول يتمثل في انتخاب رئيس يقفل الباب على الفراغ الرئاسي، ويطلق عمل المؤسسات، والثاني استعادة مقعد لبنان التفاوضي عبر رئيس الجمهورية وحكومته الأولى، بمواصفات تسمح بأن يكون للرئيس العتيد، القدرة والحكمة لقيادة مرحلة انتقالية صعبة.
تعمل مجموعة الخمس على ملء الشغور اللبناني في «بازل» المفاوضات الكبيرة الجارية في المنطقة. صوت المدافع لم يقفل قنوات التفاوض، والأهم منها التفاوض السعودي - الإيراني، الذي لم تقتله الحرب في غزة، كما التفاوض الأميركي - الإيراني الذي تؤكد مصادر موثوقة أن جولاته مستمرة بانتظام في عُمان، ذلك على الرغم من التسخين الإيراني العالي الوتيرة في العراق والبحر الأحمر ولبنان.
تسعى مجموعة الخمس، إلى تحديد شهر شباط كمهلة معقولة لانتخاب رئيس الخيار الثالث، رئيس استعادة الاستقرار ورئيس تطبيق القرار 1701، وكلها مهمات سوف تكون جزءاً من رحلة طويلة شاقة، أما مواصفات هذا الرئيس، فتكاد تختصر بشخص واحد، تحوم حوله الكثير من الرهانات، باعتباره المؤهل لتسلم المسؤولية الاستثنائية.
عن نداء الوطن