اللقاء الذي يتم اليوم ومن خلال حالة طرفيه، يصلح لأن يوصف بلقاء قمة التوتر الشرق أوسطي، ويمثلها بنيامين نتنياهو، وقمة التوتر الأمريكي الكوني ويمثلها دونالد ترمب.
جدول الأعمال الذي أُعلن للقاء، فيه بندان تقليديان، لم يتوقف البحث والتنسيق بين الإثنين فيهما، وهما الموضوع الإيراني والموضوع الغزي، ولا ينتظر جديد فيما سينتج عنهما من مواقف، إلا إذا هبطت عقلانية مفاجئة على الرئيس المتقلب والجامح دونالد ترمب، وخصوصاً بشأن غزة، كأن يحث نتنياهو مثلاً.. مثلاً على أن يعود إلى الصفقة، وهذا غير مؤكد إذ أن الذي فتح أبواب جهنم على غزة هو السيد دونالد ترمب، ضمن تصور من جانبه بأن الشريك نتنياهو سيحقق نصره المطلق باستعادة المخطوفين وتحقيق باقي أهداف الحرب بضربة عسكرية مكثفة، غير أن ما يشجع ولو قليلاً على بعض التفاؤل انضمام ستيف ويتكوف للاجتماع!
إن أي توقع يستند إلى عقلانية من جانب ترمب لن يكون دقيقاً أمام طبيعة الرجل وطريقته في ارتجال المواقف دون حساب لمردوداتها، وهذا لا ينطبق فقط على الوضع في غزة، وامتداده إلى مجمل الشرق الأوسط شديد القلق والاضطراب في عهد ترمب، وإنما على الصعيد الأمريكي ثم الكوني، حيث يشهد العالم أصعب مرحلة في تاريخه الحديث، أساسها ترمب وارتجالاته الجنونية، التي ألّبت العالم كله عليه، وكذلك جزءً لا يستهان به من المكونات الأمريكية الحزبية والشعبية والاقتصادية.
أمّا نتنياهو الذي يدرك أن القرار النهائي بشأن غزة انتقل إلى يد ترمب، وهو جاهزٌ لتنفيذ ما يُؤمر به حرباً أو تفاوضاً، وهو كذلك يدرك أن المسألة الإيرانية مرهونة أولاً وأخيراً بقرار من ترمب، الذي يفاوض الإيرانيين ويهددهم في ذات الوقت.
نتنياهو يسعى للعودة إلى إسرائيل حاملاً إنجازاً لعله يحسن من وضعه المتردي داخلياً، وهو الإعفاء الأمريكي من الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضت على إسرائيل كما فُرضت على غيرها من الحلفاء وأطراف الحرب الاقتصادية التي أشعلها ترمب.
لقاء الاثنين وما ينجم عنه، سوف يحدد ما إذا كان العرّاب الأمريكي للتوتر الكوني سيقرأ التطورات بموضوعية ويتوقف عن مواصلة دوره كشريك في المذابح التي يرتكبها نتنياهو ليحثه على العودة إلى الصفقة، أم أنه سيواصل مشاركته المذابح ويمنحه هدية باستثناء إسرائيل من الرسوم الجمركية، ما يساعد نتنياهو على التباهي بأنه أحرز شيئاً يعدّل ولو نسبياً من حالته المتردية وفرصه المتراجعة في البقاء على سدة الحكم.
سنرى اليوم ما سينجم عن اللقاء من قرارات دون أن يفارقنا الترجيح بأنها ستكون امتداداً لسياسة ترمب تجاه غزة، وتجاه شريك المذبحة نتنياهو، ودون إغفال مدلول اشتراك ويتكوف في المحادثات وهو من لا يزال يرى إمكانية لتطبيق مقترحاته بشأن الصفقة.