كُتّاب مسار

فتح التي نريد

لم نقرأ فتح حتى ننتمي إليها، رأيناها، فرأينا صورتنا فيها، رأينا واقعنا ومستقبلنا، رأينا فتح قد انطلقت من واقع الظلم التاريخي الذي عشناه ونعيشه وتسعى لتحقيق احلامنا وطموحاتنا، فاكتشفنا أننا فتح قبل أن نراها، اكتشفنا مصدر بؤسنا وطريق الخلاص منه، اكتشفنا أن لنا طريقاً واحداً وحيداً فإذا بنا فتح من حيث لا ندري. هذه الحركة تشبهنا ونشبهها، لقد فهمتنا قبل أن نفهمها، قرأتنا قبل أن نقرأها، انتمت إلى شعبها قبل أن ينتمي شعبنا إليها.

فتح هي اسمها، حركة تحرر وطني، هذا هو رقمها السري، يكفي أن تكون فلسطينيا بما يكفي لتكون فتح، يكفي أن تسعى للتحرر والاستقلال لتكون فتح، يكفي أن الوطن هوية وطريق وهدف لتكون فتح. فتح مساحة تتسع للاختلاف والتنوع والاجتهاد والمبادرة والابداع، لك ما شئت أن تفعل وكيفما شئت وفي أي وقت تشاء طالما أنك تحت مظلة الحلم الفلسطيني.

فتح، هذه تعيش حالة غربة واغتراب في ظل واقع فتح الحالي، تبحث عن نفسها فلا تجدها، تبحث ظلها فلا تجده، تبحث عن سر تكوينها فلا تجده، أم إعادة تصنيع واقع لفتح يشبه أي شيء إلا فتح ، ينتمي لأي شيء إلا لفتح، واقع يستخدم تاريخ فتح واسمها ودماء شهداءها ومجدها، لهذا فإن هناك حالة انفصام شخصية لدي، بين فتح التي أنتمي إليها وفتح التي أعيشها، وهذا حال الالاف من كادر فتح وفرسانها وصناع مجدها، إن الهذيان السياسي الذي يصدر مبررات الاستسلام للواقع والتماهي معه على أنه حكمة سياسية تمثل فتح هو شكل من اشكال تبرير الارتهان السياسي لثقافة الخضوع، هذا إذا افترضنا حسن النوايا، ولكنه في حقيقة الحال اكثر هبوطا وتردي.

إن إعادة فتح لحالتها النضالية كحركة تحرر وطني لا يتطلب أكثر من إعادة بناء بكل ما في الكلمة من معنى، والمسألة ليست فعلاً تبشيرياً، بل هي عملية تدخل قصري ثوري بتشكيل قيادة متفق ومتوافق عليها تعد لمؤتمر حركي فعلي وحقيقي تنبثق عنه قيادة تنظيميه للحركة، إن مؤتمرات من قبيل العبث التنظيمي السياسي المقصود والمبرمج كما حدث في المؤتمرين السادس والسابع والذي كان الهدف منهما تدمير بنية وفكرة فتح وتقويض جوهرها التحرري لن يؤدي إلا لمزيد من السقوط والتردي، إننا أمام مرحلة تاريخية في الصراع الفلسطيني الصهيوني، وفتح أمام مفترق طرق: إما أن تنحاز لتاريخها ولطهارة بداياتها أو تخرج من التاريخ تدريجيا وتخرج من قلوب شعبها ومن قناعات كادرها، لا خيارات وسطية في وضع نضالي تحرري.

لا تسويات بين الحرية والاستقلال وبين الارتهان للاحتلال. نحن أمام تشكل واقع فلسطيني ينبغي أن يتصف بالحسم في المواقف والسياسات والتوجهات. ليس مطلوب من فتح سوى أن تعود تشبهنا وتشبه ذاتها، وهذا ممكن ومتاح وضروري.

كلمات مفتاحية::
Loading...